لعاصمة طهران تحتل المرتبة الأولى في تلوث الهواء في العالم
لا يخفى على أحد أن تلوث الهواء هو مشكلة من شأنها أن تؤثر على رئة الإنسان وتسبب العديد من المشاكل والأمراض. كما أن كبار السن والأطفال والأشخاص المصابون بأمراض معينة هم الأكثر تضرراً والأكثر عرضة للخطر. تلوث الهواء أو الجسيمات المعلقة هي ظاهرة تنشأ من مزيج الجسيمات والغبار مع الملوثات الحضرية وعادة ما تنتج عن تغير المناخ، وجفاف الأراضي الرطبة، وبناء السدود.
يبلغ متوسط مؤشر تلوث الهواء في العاصمة طهران حاليًا 177 وحدة، وهو رقم مخيف ينمّ عن حالة غير صحية لجميع الفئات. في 9 أبريل/ نيسان، وصل تلوث الهواء في العاصمة طهران إلى مستوى قياسي بلغ 491 وحدة وتم تصنيفها على أنها أكثر المدن تلوثًا في العالم. بالنسبة لمؤشر تلوث الهواء، يتم تعريف المؤشر على أن الحالة غير صحية إذا كان يتراوح بين 150 إلى 200، وغير صحية للغاية إذا كان يتراوح بين 200 إلى 300، وفي حال زاد عن 300 يعتبر خطير.
جودة الهواء في إيران
في ظل نظام الملالي، أصبح تلوث الهواء أحد أكثر المشاكل ضررًا للعاصمة طهران وغيرها من المدن الكبرى في إيران. وفقًا لأحد مسؤولي النظام، يموت 45000 إيراني كل عام بسبب تلوث الهواء.
تذبذب مؤشر جودة الهواء في أجزاء مختلفة من العاصمة طهران في 8 أبريل/ نيسان بين 490 وأكثر من 500، مما يعطي مؤشر خطير للغاية. ونصحت وزارة الصحة المواطنين المقيمين في العاصمة طهران بعدم مغادرة منازلهم، وقالت خدمات الطوارئ إن هناك سيارة إسعاف ستتمركز في الساحات الرئيسية بالعاصمة. أيضًا، وفقًا لقرار لجنة طوارئ تلوث الهواء، تم تأجيل مباراة كرة قدم شعبية كان من المقرر إقامتها في 9 أبريل/ نيسان في العاصمة طهران.
في 8 أبريل/ نيسان، تم إعلان أن جودة الهواء في المحافظات المجاورة للعاصمة طهران، بما في ذلك البرز وزنجان، “خطيرة للغاية”. في 9 أبريل/ نيسان، تم الإبلاغ عن ارتفاع نسبة تلوث الهواء في معظم المحافظات الإيرانية بسبب الغبار. كما تم الإعلان أن حالة الطقس غير صحية لجميع الأعمار، كما صرّح مدير مطار إيلام إن طائرة لم تتمكن من الهبوط في المدينة في 9 أبريل/ نيسان بسبب الغبار وعادت أدراجها إلى العاصمة طهران. كما أصدر مسؤولو خوزستان “إنذارًا برتقاليًا” في الفترة من 9 أبريل/ نيسان إلى 11 أبريل/ نيسان، مشيرين إلى تشكل الغبار في المحافظة.
لعبة اللوم
صرّح رئيس الفصيل البيئي في البرلمان الإيراني، يوم السبت 9 أبريل/ نيسان، أن وصول الغبار إلى العاصمة طهران كان يجب أن تتوقعه هيئة الأرصاد الجوية قبل يوم أو يومين على الأقل، وأنه كان ينبغي تقديم هذه المعلومات على الفور. ولكن “حتى ساعات قليلة بعد وصول الغبار، لم يتم تقديم أي معلومات عامة”.
وبحسب وكالة أنباء الطلبة الإيرانية، انتقدت سمية رفيعي عدم وجود تمويل للتعامل مع الغبار في الموازنة الجديدة لإبراهيم رئيسي وأضافت: “لسوء الحظ، أزالت الحكومة أي أموال مخصصة للتعامل مع الغبار أو إدارته في كل من ميزانية العام الماضي وميزانية العام الحالي”. وتساءلت رفيعي منتقدة تصرفات المركز الوطني لمكافحة الغبار في منظمة البيئة: “ليس من الواضح بالضبط سبب عدم تقدم هذا المركز بطلب تمويل لهذه المشكلة في وضع حرج ولماذا لم يتم متابعته.”
كما هو متوقع، يلقي مسؤولو الحكومة باللوم بشكل صارخ على الناس دون ذكر أي شيء عن الأسباب الحقيقية لمثل هذه الاضطرابات الجوية التي هي نتيجة مباشرة لسوء الإدارة الهائلة للموارد الطبيعية لإيران، والبناء الزائد للسدود لتحقيق مكاسب شخصية، وإزالة الغابات. وفي يوم يوم السبت 4 أبريل/ نيسان، تجمع عدد من أهالي قرية جنوب كرمان، أمام شركة حفر الأنفاق، احتجاجا على نقل المياه من نهر هليل.
ويقول أهالي القرية إن المسؤولين في مشروع حفر الأنفاق يعتزمون نقل مياه هليل لتوريد الحديد والبتروكيماويات والنحاس والصناعات السياحية في مدينة كرمان الصحراوية بحجة إمداد كرمان بمياه الشرب.
أسباب الكوارث البيئية في إيران
ويقول مسؤولون حكوميون إن مصدر التلوث الأخير هو عاصفة ترابية من العراق، لكن صادق ضياء، مدير المركز الوطني للتنبؤ بمخاطر الهواء، قال إن سبب الغبار في الهواء محلي وأجنبي، لكن لايمكن تحديد نصيب كل منهما في تلك الكارثة.
في عام 2016، أعلن النظام أن سبب تلوث الهواء هو استخدام زيت الوقود. زيت الوقود هو أسوأ أنواع الوقود الأحفوري الذي تستخدمه المصانع والمطابخ في إيران تحت حكم الملالي بسبب انخفاض سعره، حيث أن دخانه شديد التلوث ينتقل إلى سماء المدن، وفي الحقيقة إلى رئات وأرواح المواطنين.
بعد تقرير استخدام المصانع لزيت الوقود، تصاعدت الاحتجاجات الاجتماعية وأصبح “الهواء النظيف” مطلبًا شعبيًا. وفي عرض أجوف للعناية والقلق والخوف من استياء الناس وغضبهم من استخدام موارد الطاقة غير الصحية، سنّ نظام الملالي قانونًا يحظر استخدام زيت الوقود ويطلب من المصانع استخدام الغاز بدلاً من ذلك. بل إن النظام أصدر قوانين في هذا الصدد.
ولكن وفقًا لوكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية (IRNA) الحكومية، تعمل الحكومة والبرلمان منذ عام 1996 لمعالجة هذه المشكلة التي طال أمدها وقد أقروا قانون الهواء النظيف. صدر هذا القانون في 16 يوليو/ تموز 2017، لكن هناك العديد من المسارات التي لم تسلك منذ اعتماده حتى تنفيذه. لم يتم فتح هذا الملف القديم المعقد.
وفي كشف آخر، صرّح عباس شاهسوني، رئيس إدارة الصحة الجوية بوزارة الصحة والعلاج والتعليم الطبي، أن “قانون الهواء النظيف صدر عام 1996، لكن الدراسات أظهرت أنه خلال الفترة التي تلت سنه وتنفيذه، لم يتغير تركيز الجسيمات كثيرًا خلال السنوات من 96 إلى 1400، وظل ثابتًا تقريبًا ولم ينخفض. كان الغرض من تمرير قانون الهواء النظيف هو رؤية انخفاض في الملوثات، ولكن لم يكن له تأثير كبير ولم يقلل من الناحية العملية من تركيز ملوثات الهواء “.
من الواضح الآن أن النظام لم يقم فقط بعدم اتخاذ أي إجراء لمنع استخدام زيت الوقود من قبل المصانع، بل ضاعت أيضًا الميزانية المعتمدة. ومن غير الواضح مكانه، لكن استخدام المصانع لوقود الديزل آخذ في الازدياد.
حتى وسائل الإعلام الحكومية ذكرت أنه في الوقت الحالي: ” يلعب مصنع أبيك للأسمنت ومحطة رجايي للطاقة دورًا رئيسيًا في إنتاج تلوث الهواء في العاصمة طهران. محطة كهرباء رجايي لها دور هام في تلويث البيئة بسبب استخدام زيت الوقود والمركبات الناتجة عن احتراق الوقود الأحفوري (زيت الوقود) شديدة السمية وخطيرة ومسببة للسرطان في بعض الأحيان “.