توقعات اقتصادية قاتمة لإيران
وفقًا لتقرير حديث للبنك الدولي، “سيستمر اقتصاد نظام الملالي في النمو تدريجياً اعتبارًا من منتصف عام 2020 تحت تأثير قطاعي النفط والخدمات”. يبدو أن تقرير البنك الدولي ينقل أخبارًا جيدة وواعدة فيما يتعلق باقتصاد نظام الملالي، ولكن هل هذا صحيح؟ نظرة أكثر تفصيلا على التقرير تعطي حياة قصيرة جدا لهذا التفاؤل.
وأوضح التقرير أن الدخل الإجمالي في 21-2020 هو نفسه منذ عشر سنوات. بمعنى آخر، لاتوجد أي زيادة في دخل الإيرانيين على مدى السنوات العشر الماضية. كما أن نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي يروي قصة أسوأ، وذلك نظرًا لأن مقدارها في عام 2022 يساوي مقدار دخل الفرد في عام 2004 (منذ 16 عامًا). ازدادت فجوة نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بين إيران ودول المنطقة بشكل ملحوظ مع مرور السنين.
وفقًا للبنك الدولي، كان النمو النسبي للاقتصاد نتيجة نمو إنتاج النفط (11.7بالمئة) والتوسع في الخدمات (6.5 بالمئة). لكن الإنتاج الصناعي انخفض بشكل كبير، بالإضافة إلى هبوط الإنتاج الزراعي بأكثر من 2 بالمئة. بعبارة أخرى، يستمر النفط في دفع عجلة الاقتصاد الإيراني. قد لا يكون هذا في حد ذاته مصدر قلق كبير على المدى القصير؛ ومع ذلك، فإن مشكلة الاقتصاد المعتمد بشكل كبير على النفط ستكون مشكلة على المدى الطويل.
اعتمدت ميزانية إبراهيم رئيسي لهذا العام الفارسي (الذي بدأ في مارس/ آذار 2022) اعتمادًا كبيرًا على زيادة الضرائب وفرض ضرائب جديدة لتعويض عجز الميزانية. ومع ذلك، في اقتصاد يكون فيه الإنتاج في حالة ركود والقوى العاملة النشطة عاطلة عن العمل، ما هي الأرباح والأجور التي يمكن فرض ضرائب عليها؟ ومع ذلك، وبغض النظر عن حالة فقر المواطنين، فرضت حكومتا حسن روحاني وإبراهيم رئيسي الضرائب بشكل متزايد. في حكومة رئيسي، يتم فرض ضرائب جديدة على الدخل المقدر للطبيب أو الجرّاح، ويتم فرض ضرائب على المنازل الشاغرة والسيارات والمجوهرات وما إلى ذلك. ومع ذلك، لا يبدو أن هذه الضرائب الجديدة تساعد الحكومة كثيرًا. وزادت الإيرادات الضريبية بنسبة 60 بالمئة، بينما ارتفعت النفقات الحكومية بنسبة 58 بالمئة.
واصل التضخم اتجاهه التصاعدي، مدفوعًا بالتوقعات التضخمية، وانخفاض قيمة العملة، والتوسع النقدي. فقد ارتفع معدل التضخم العام والأساسي في 2021/202 إلى ما يقدر بنحو 40.7 و51 بالمئة على التوالي – مسجلاً السنة الثالثة على التوالي من التضخم فوق 35 بالمئة.
المزيد من الإيرانيين سيسقطون في براثن الفقر
والنتيجة المنطقية لما ذكرناه أن الإيرانيين أصبحوا وسيصبحون أفقر. عندما يكون الإنتاج في حالة ركود، وحتى إذا لم يكن كذلك، فإنه ينمو قليلاً، ولا يمكن للشركات ولا العمالة أن تستفيد وتصبح مستدامة. حيث إنه يتعين على كلاهما شراء سلع ترتفع أسعارها باستمرار لتلبية احتياجاتهم. ينتج عن هذا الموقف الذي تنخفض فيه قيمة الدخل بينما تزداد النفقات. ينتج عن هذا السيناريو المزيد من الأشخاص الذين يقعون تحت خط الفقر.
يشير تقرير البنك الدولي إلى أنه نتيجة لارتفاع التضخم وتراجع التوظيف، أصبحت أعداد كبيرة من الإيرانيين فقيرة وقللوا من استهلاكهم. المساعدة النقدية الشهرية لإيران منخفضة للغاية لدرجة أنها لا تستطيع بأي حال من الأحوال منافسة النسب المتزايدة للتضخم.
نظرة عامة على اقتصاد جمهورية الملالي
لا يرسم تقرير البنك الدولي صورة مشجعة للتوقعات الاقتصادية لإيران لعدة أسباب.
أولاً، يعتمد الاقتصاد الإيراني إلى حد كبير على عوامل خارج حدودها. لقد ثبت أن الاقتصاد الإيراني غير قادرة على التعافي إذا لم يتم الانتهاء من المحادثات النووية لصالح نظام الملالي، ولم يتم رفع العقوبات، ولم يتم تخفيف التوترات الجيوسياسية للدولة. وبحسب التقرير، سيبقى مستوى الإنتاج والتصنيع في إيران منخفضًا في السنوات المقبلة، لأن بيئة الأعمال داخل حدودها وخارجها ليست جيدة على الإطلاق، كما أن التوترات والعقوبات لازالت مستمرة.
ثانيًا، بعد سنوات من الركود المتراكم والنمو المنخفض والقصير الأمد، لن تختفي مصاعب الاقتصاد الإيراني. خلال هذه الفترة على وجه الخصوص، لم يتم تكوين وتجديد رأس المال الجديد فحسب، بل تم أيضًا استهلاك وخسارة 5.2 بالمئة من رأس المال الحالي. لن يكون للإنتاج الزراعي وقت أفضل بسبب التلوث ونقص المياه. يوضح التقرير أن الصعوبات الاقتصادية في إيران هيكلية، وبالتالي، ستستمر أوجه القصور في التفاقم، وستستمر الأسعار في التقلب.
العلامة الثالثة المقلقة في التوقعات الاقتصادية لإيران هي نسب التضخم. حيث يتوقع البنك الدولي أن يظل التضخم عند حوالي 30 بالمئة في السنوات القادمة، مما يزيد الضغط على الطبقات الدنيا. ويشير إلى أنه حتى في حالة زيادة عائدات النفط، فإن الإنفاق الحكومي، وخاصة رواتب الموظفين ومعاشات التقاعد، وإعانات البطالة، وإعانات الفقراء، سيتم قطعها، وستقوم الحكومة حتمًا بتنفيذ الإجراءات النقدية التي ستؤدي فقط إلى زيادة نسب التضخم ونفس الشيء المؤسف. ستستمر دورة الإفقار في الاقتصاد الإيراني.