الاتحاد من أجل الحرية والديمقراطية والمساواة​

الاقتصاد الإيراني في طريقه للانكماش 3.7 % سجّل أسوأ أداء خلال 6 سنوات

انضموا إلى الحركة العالمية

الاقتصاد الإيراني في طريقه للانكماش 3.7 % .. سجّل أسوأ أداء خلال 6 سنوات

الاقتصاد الإيراني في طريقه للانكماش 3.7 % سجّل أسوأ أداء خلال 6 سنوات

الاقتصاد الإيراني في طريقه للانكماش 3.7 % .. سجّل أسوأ أداء خلال 6 سنوات

 

دعك من الخطاب الإعلامي الذي تروج له أجهزة النظام الايراني في الخارج، بأن العقوبات الأمريكية

فشلت قبل أن تبدأ، واذهب واطلع على ما تقوله الصحف المحلية الإيرانية في الداخل من تصاعد

الاضطرابات والإضرابات الداخلية، واليأس المتنامي بين الشباب، وعن معدلات البطالة المتفاقمة،

خاصة بين خريجي الجامعات والمعاهد العليا. وإذا أردت أن تعرف أكثر ابحث في أرقام التضخم التي

باتت حجرا ثقيلا يهوي بالطبقة المتوسطة الإيرانية إلى هاوية بلا قاع، عن معدلات الجريمة المتزايدة

نتيجة الوضع الاقتصادي التعيس، الذي يدفع يوميا المزيد من الإيرانيين إلى الحضيض.

المروجون لإنجازات “الثورة الإيرانية”، عليهم أن يتذكروا أنه بعد أربعين عاما من الوعود الكاذبة، لم

يحصد الإيرانيون إلا المزيد من الإفقار، وتدهور مستوى المعيشة، وتنامي الفوارق الطبقية، وتزايد

الأحقاد الاجتماعية، في دولة كان عائد إنتاجها من النفط فقط كفيلا بضمان رغد العيش بين أبنائها

جميعا، شريطة ألا يتم استخدام تلك الأموال في تمويل المنظمات الإرهابية والأنظمة الاستبدادية

وشراء الولاءات الخارجية وقمع الطموحات الشرعية للإيرانيين تحت مسمى حماية الأمن القومي

الإيراني.

هؤلاء المدافعون عن نظام الملالي، والراغبون في أن يتعرفوا عن قرب عن الإنجازات الاقتصادية للثورة

الخمينية، عليهم أن يعلموا أن المؤسسات المالية الدولية تقدر حجم الانكماش في الاقتصاد الإيراني

خلال العام المقبل بنحو 3.7 في أسوأ أداء اقتصادي خلال ست سنوات، وسينخفض الاستهلاك الخاص

بنسبة 2 في المائة، نتيجة ارتفاع التضخم وانهيار قيمة العملة، فضلا عن انخفاض الاستهلاك الحكومي

3 في المائة نتيجة تقلص الناتج المحلي وانخفاض العوائد النفطية.

وأوضح علي جواد لــ “الاقتصادية”، الخبير الاقتصادي الإيراني، أن”الضربة الأكبر التي ستوجه للاقتصاد

الإيراني لا تقف عند حدود انخفاض العوائد المالية، بل تراجع الاستثمارات الدولية، وافتقاد رؤوس

الأموال الوطنية القدرة على الاستثمار نتيجة عدم اليقين الذي يسود البلاد حاليا”.

وأضاف جواد أن”التقديرات الدولية تشير إلى انخفاض الاستثمار بما يقارب 13 في المائة العام

المقبل، وبدأت ملامح ذلك في الظهور مع مغادرة الشركات الدولية الكبرى، ويتوقع أن تنخفض

الصادرات والواردات بنسبة 16.2 في المائة و10 في المائة على التوالي العام المقبل، نتيجة

المقاطعة الدولية التي تعرضت لها إيران بسبب العقوبات الأمريكية”.

وبالطبع يرجح بعض الاقتصاديين أن تكون تلك المعدلات أعلى من ذلك، فالعقوبات ستثير المزيد من

الاضطرابات المدنية، وتعمق السخط العام في ظل الكفاح اليومي الذي يقوم الإيرانيون به للتعامل مع

الأوضاع الاقتصادية المتدهورة، وارتفاع معدل البطالة إلى 12.1 في المائة، وفقا للأرقام الرسمية، و25

في المائة، وفقا لأرقام اقتصاديين مستقلين.

بينما بلغت الزيادة في الأسعار 35 في المائة، وبالنسبة لمجموعة الأغذية والمشروبات والتبغ تجاوز

السقف 50 في المائة قليلا.

ويعتقد الدكتور فريهاد شيرازي، الخبير الاقتصادي أن العقوبات الأمريكية لم تقم بشيء أكثر من دفع

اقتصاد إيران الذي كان بالفعل على حافة السقوط – قبل اتخاذ الإدارة الأمريكية قرارها بتنفيذ

العقوبات- إلى الهاوية التي كان سيقع فيها عاجلا أم آجلا.

ويضيف لـ “الاقتصادية”، أن “السنوات الطويلة التي امتزج فيها فساد الإدارة مع غياب الكفاءة،

والادعاءات السياسية الجوفاء بقوة الاقتصاد الإيراني ومتانته، أدت إلى خلق حالة من الوعي الزائف

لدى عديد من مراكز صنع القرار داخل إيران بقدرتها على مواجهة العقوبات الأمريكية، وخاصة فيما

يتعلق بتأثيرها في الريـال، وبدلا من أن يؤكد كبار المسؤولين في إيران للمستثمرين الدوليين أن

الحكومة تعي حجم المشكلة الاقتصادية ومدى استفحالها، وأن لديهم خطط للتعامل معها، وأن يظهروا

شفافية حقيقية، وصف قادة إيران التحديات الاقتصادية بأنها فقاعة وتم التهوين من خطورة الوضع،

بل تمت معالجة الأمر عن طريق شخصيات مشبوهة، تبنت خطابا أجوفا بشأن الفائض التجاري الايراني

واحتياطيات العملات الأجنبية، وأنها من الوفرة بحيث يستحيل توقع انهيار الاقتصاد الوطني”.

والنتيجة أن فقد الإيرانيون جل مدخراتهم، وهرّب جزء كبير من الطبقة الحاكمة أمواله إلى الخارج، بعد

أن حولوها إلى ذهب ودولارات.

وأرادت حكومة روحاني أن تبدو قوية، فاستنزفت جزءا كبيرا من الاحتياطي الأجنبي عن طريق بيع البنك

المركزي للدولارات، وصب ذلك بالطبع في صالح أثرياء إيران، القادرين على شراء تلك الدولارات

وتهريبها، ما عمق الفوارق الطبقية وزاد حدة الاحتقان الاجتماعي، وعزز الاضطرابات العمالية التي باتت

ظاهرة شبه يومية في العديد من المدن.

وفي ظل التردي اليومي للأوضاع الاقتصادية، تفشى الاقتصاد الطفيلي القائم على التربح والتهريب

وغسيل الأموال، ووجدت السلطات الأمنية في ذلك فرصة ذهبية لزيادة حدة القمع ضد المواطنين،

بدعوى ضبط الوضع الاقتصادي، وعمق ذلك ابتزاز الدولة للرأسمالية المحلية التي باتت تتردد كثيرا في

القيام بعملية توسع استثماري، في ظل مخاوف حقيقية من عدم استقرار الاقتصاد، واحتمال تعرض

البلد لهزة داخلية عنيفة.

إلا أن التأثير السلبي للقبضة الأمنية المتزايدة على المشهد الاقتصادي، خلق وضعا بات غريبا وفريدا

من نوعه للاقتصاد الإيراني.

ويصف البروفيسور آر. دي ديفيد أستاذ الاقتصاد السياسي وضع الاقتصاد الإيراني حاليا بأنه “خليط

من اقتصاد الدولة والاقتصاد الريعي تحت هيمنة المؤسسة العسكرية، وهذا يعني أن إمكانية النمو

محدودة للغاية، وستصطدم من حين إلى آخر برغبات القيادة العسكرية، حيث لا تعمل الأجهزة الأمنية

والحرس الثوري على خدمة الدولة، أو إيجاد اقتصاد متوازن يلبي الاحتياجات الشعبية، لأن تلك الأجهزة

وفي مقدمتها الحرس الثوري لديه رؤية أخرى ذات طابع عسكري توسعي على أسس عرقية بصبغة

طائفية مفرطة، ومن ثم يعمل بالتحالف مع المؤسسة الدينية على ضمان التفرد بالمقدرات

الاقتصادية للمجتمع، على حساب الدولة الإيرانية ذاتها. بتعبير آخر تصبح الدولة الإيرانية بمنزلة بقرة

حلوب مرهونة تصب ثرواتها العامة لصالح صاحب المزرعة دون أن يتعرض للمحاسبة أو المساءلة حول

جدوى برنامجه الاقتصادي”.

ويضيف البروفيسور ديفيد أن تلك القيادات تضع بالتأكيد أولويات لتحقيق نمو اقتصادي، إلا أن تلك

الأولويات لا تضع الشعب ومستوى معيشته في المقدمة، ويتجلى ذلك في الدعم المتواصل للنظام

السوري والتنظيمات الإرهابية في الشرق الأوسط، ومواصلة عمليات شراء وإنتاج الأسلحة بكثافة. ومن

هنا نرى أن المسار الاقتصادي لإيران لا يسير في طريق تنموي حقيقي يراكم الثروة الوطنية، وإنما

استنزاف الثروة القومية وبمعدلات غير مسبوقة سواء عبر الإهدار أو سوء التدبير، أو الاستيلاء

الشخصي عليها من كبار قادة الحرس الثوري أو رجال الدين، وهذا يشكل وضعا قائما على غياب قيادة

مركزية حقيقية لتوجيه التنمية الاقتصادية في ايران، وإنما مراكز ذات طابع سلطوي تتقاسم الثروة

العامة فيما بينها بمعدلات مختلفة وفقا لقوة كل مركز وقدرته على الضغط.

 

نقلا عن جريدة العرب الإقتصادية الدولية