الأمم المتحدة تعرب عن قلقها إزاء انتهاكات حقوق الإنسان في إيران
إن انتهاكات حقوق الإنسان في إيران لها تاريخ طويل. ففي عهد الشاه المقبور، حُرم الإيرانيون من الحقوق والحريات الأساسية وعانوا من انتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان، على أيدي قوات أمن الشاه السيئة السمعة والسافاك (منظمة المخابرات والأمن القومي). أيقظت ثورة 1979 المناهضة للشاه في إيران الآمال في أن بزوغ فجر حقبة جديدة تُحترم فيها حقوق الإنسان والكرامة الإنسانية في الممارسة العملية. ولكن ماحدث فيما بعد، قدمت سياسات وسلوك النظام الجديد تغييرات محدودة للغاية في الأسلوب والخطاب ولكن لم يكن هناك تغيير فعلي.
مرة أخرى، قام الملالي بتقييد وانتهاك حقوق الإنسان والحرية والعدالة. لقد أخذت سياسات الشاه في عرقلة حرية التعبير واعتقال وسجن وتعذيب من عارضه وملكه استراحة قصيرة بسبب الثورة وأعاد النظام الجديد تأسيسها تحت راية الإسلام ولكن بنسخة أسوأ من ذي قبل. كان ثمن هذه الوحشية والظلم، هو قتل أكثر من 120 ألف معارض عن نظام الملالي. بدأت آلة القتل للنظام الجديد عملها منذ حوالي 43 عامًا ولم تتوقف منذ ذلك الحين.
في السنوات القليلة الماضية، زاد النظام من انتهاكاته لحقوق الإنسان في إيران، حيث لجأ إلى القوة الغاشمة لقمع الاستياء والمعارضة المتزايدة باستمرار. فقد قامت حكومة الملالي بقمع احتجاجات سلمية واسعة النطاق من خلال إطلاق العنان لقواتها الأمنية وقتل المئات في نوفمبر/ تشرين الثاني 2019.
كما أن عمليات الإعدام السياسية للمعارضين والمتظاهرين تتزايد بشكل مقلق وأصبحت هي القاعدة. حيث يتم سجن النقاد والنشطاء من جميع مناحي الحياة بناء على ما يسمى بتهم تتعلق بالأمن القومي وصدور أحكام مطولة وقاسية. وقد بلغت الرقابة وانعدام حرية التعبير أعلى مستوياتها على الإطلاق.
لقد أكسبت وحشية نظام الملالي البلاد مرتبة الجلاد رقم واحد في العالم من حيث نصيب الفرد، وهو الترتيب الذي لم تبدِ سلطات نظام الملالي أي ندم عليه وغالبًا ما تدافع عن سياساتها اللاإنسانية.
أعربت الأمم المتحدة في تقريرها الأخير بشأن حالة حقوق الإنسان في إيران، عن قلقها إزاء استخدام القوة المفرطة ضد المعارضين والاحتجاجات.
قدمّ الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش تقريرًا مؤقتًا عن حالة حقوق الإنسان في إيران في 16 يونيو/ حزيران – يغطي الفترة من 11 يونيو/ حزيران 2021 إلى 20 مارس/ آذار 2022 – لعرضه على مجلس حقوق الإنسان في دورته الخمسين (13 يونيو/ حزيران – 8 يوليو/ تموز 2022). ألقى التقرير الضوء على شهادات وتقارير من منظمات غير حكومية وأفراد وضحايا وعائلاتهم “بشأن الانتهاكات المحتملة للحق في الحياة المزعومة من قبل الدولة، بما في ذلك الإعدام التعسفي، واستخدام القوة المميتة من قبل قوات الأمن ضد المتظاهرين السلميين والحمّالين عبر الحدود. فضلاً عن الحرمان التعسفي من الحياة رهن الاحتجاز نتيجة التعذيب أو الحرمان من الحصول على الرعاية الطبية في الوقت المناسب “.
ويشير التقرير إلى أن عدد الإعدامات التعسفية في إيران خلال عام 2021 بلغ 310 على الأقل، مما يدل على زيادته مقارنة بعام 2020. ويقدر التقرير عدد الإعدامات في عام 2020 بـ 260. يشار إلى أن الحكومة أعلنت فقط عن 55 من هذه الإعدامات.
وفقًا للتقرير، بين 1 يناير/ كانون الثاني 2022 و 20 مارس/ آذار 2022، تم إعدام ما لا يقل عن 105 فرد، وفي مارس/ آذار 2022، تم نقل 52 سجينًا أدينوا وحُكم عليهم بالإعدام بتهم تتعلق بالمخدرات لإعدامهم إلى سجن شيراز المركزي. بحلول منتصف مارس / آذار، كان 16 منهم على الأقل قد تم إعدامهم.
كما أشار السيد غوتيريش إلى أن “الصحفيين، بمن فيهم الصحفيون في الخارج الذين يعملون في وسائل الإعلام الأجنبية، ما زالوا يتعرضون للترهيب. وشملت هذه الأفعال الإكراه بالوكالة من خلال التهديدات ضد أفراد الأسرة داخل البلاد، والضغط الاقتصادي، وحظر السفر، والاستجواب”.
كما انتقد الاستدعاء والتوقيف والاحتجاز المكثف للمدافعين عن حقوق العمّال وسط احتجاجات متزايدة من قبل المعلمين والمتقاعدين ومجموعات أخرى تطالب بحقوق العمل والضمان الاجتماعي.
ويدعو تقرير الأمين العام إلى وضع حد لإعدام الأطفال، ويؤكد أنه لا ينبغي تطبيق عقوبة الإعدام على الجرائم التي يرتكبها أشخاص دون سن الثامنة عشرة. ويخصص جزء من تقرير الأمين العام لقمع الاحتجاجات في خوزستان وأصفهان. كتب في هذا التقرير عن قمع المتظاهرين في خوزستان:
“في بعض المناسبات، ورد أن السلطات استخدمت عملاء في ثياب مدنية للتظاهر كمتظاهرين مسلحين أو عنيفين، ثم ألقت باللوم عليهم في مقتل المتظاهرين. أدّى إطلاق الشرطة وقوات الأمن للذخيرة الحية، بما في ذلك استخدام الأسلحة الآلية والبنادق التي تطلق الخرطوش، وغيرها من القوة التي يحتمل أن تكون قاتلة، إلى مقتل تسعة أفراد على الأقل، بينهم قاصر، وإصابة الكثيرين، بمن فيهم الأطفال.”
واختتم السيد غوتيريش تقريره بقائمة من التوصيات لتحسين حالة حقوق الإنسان في البلاد، بما في ذلك إلغاء عقوبة الإعدام، وإصلاحات لتعزيز الحق في محاكمة عادلة بما يتماشى مع المعايير الدولية، والإفراج عن جميع الأشخاص المحتجزين بشكل تعسفي على الفور، والتحقيقات في استخدام القوة المفرطة والمميتة أثناء الاحتجاجات وخطوات القضاء على جميع أشكال التمييز ضد النساء والفتيات.