دبلوماسية الزوارق الحربية: نظام الملالي يصعّد عدوانه في مضيق هرمز
27 يونيو/ حزيران (UPI) – تُعرَّف دبلوماسية الزوارق الحربية من منظور السياسة الدولية بأنها السعي لتحقيق أهداف السياسة الخارجية من خلال إظهار علامات القوة البحرية العدوانية، مما يعني ضمناً التهديد بالحرب إذا لم يتم الوفاء بشروط مقبولة.
كانت دبلوماسية الزوارق الحربية تكتيكًا اشتهر باستخدامه بعض القوى الإمبريالية خلال القرن التاسع عشر. فهو مفهوم عفا عليه الزمن إلى حد كبير، على الرغم من أن ذلك لا يبدو أنه ردع نظام الملالي عن استخدامه. ففي الأسبوع الماضي، كانت سفن من الأسطول الخامس الأمريكي تبحر عبر المياه الدولية في مضيق هرمز عندما تعرضت للتهديد من قبل ثلاث سفن بحرية تابعة لقوات حرس نظام الملالي.
اضطرت سفينة الدوريات الساحلية الأمريكية يو إس إس سيروكو إلى إطلاق شعلة تحذير عندما كانت سفن قوات حرس النظام، التي تتصرف بطريقة عدائية، على بعد 50 ياردة من السفينة. وقد استمرّ السلوك الخطر لأكثر من ساعة قبل مغادرة زوارق قوات حرس نظام الملالي.
يقع مضيق هرمز بين الخليج الفارسی وخليج عمان، ويوفر الممر البحري الوحيد إلى المحيط الهندي للنفط الخام من العديد من أكبر المنتجين في العالم. حيث يتدفق ما معدله 21 مليون برميل يوميًا عبر المضيق، وهو ما يمثل أكثر من 20 بالمئة من الاستهلاك العالمي. يمر حوالي ثلث النفط المنقول بحراً في العالم وكل الغاز المسال تقريبًا من خلال قطر، المصدر العالمي الرائد للغاز، عبر هذا الممر الضيق الذي يبلغ عرضه 21 ميلاً فقط في أضيق نقطة له.
مع أزمة الطاقة العالمية الحالية الناجمة عن الغزو الروسي غير القانوني لأوكرانيا، أصبح هذا الطريق أكثر أهمية من الناحية الاستراتيجية. في الوقت الذي يواجه فيه نظام الملالي أزمة بعد أزمة في الداخل والخارج، كثفّ المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي ورئيس النظام، إبراهيم رئيسي، المعروف باسم “جزار طهران”، أنشطتهما العدوانية في المضيق لتخويف أولئك الذين يعتبرونهم أعداء النظام، ولم يتوقف الأمر عند ذلك بل يهددون بإغلاق المضيق كليًا.
كانت تلك المواجهة البحرية الأخيرة ليست الأولى من نوعها. في يونيو/ حزيران 2019، تركت قوات كوماندوز قوات حرس نظام الملالي ألغامًا في أعقاب الهجمات على ناقلتي نفط في خليج عمان. وقد تعرضت ناقلة النفط كوكوكا كاريدجس لعدة انفجارات تسببت في أضرار جسيمة لجسم السفينة. ثم تم تصوير زورق دورية تابع لقوات حرس نظام الملالي وهو يتحرك بجانب الناقلة حيث قام أفراد القوات الخاصة بإزالة لغم غير منفجر من جسم السفينة. وفي أعقاب ذلك الهجوم، قامت السلطات البحرية الأمريكية بسحب الناقلة كوكوكا كاريدجس، إلى جانب فرونت ألتير النرويجية، إلى الساحل الإماراتي.
في يوليو/ تمّوز 2019، احتجزت جمهورية الملالي السفينة ستينا إمبيرو التي ترفع العلم البريطاني على مضيق هرمز. وتم احتجازها في ميناء بندر عباس الإيراني لمدة شهرين ولم يفرج عنها إلا بعد ضغوط دولية. في يناير/ كانون الثاني 2021، استولت قوات حرس نظام الملالي على ناقلة ترفع علم كوريا الجنوبية في مياه الخليج، بدعوى أنها احتجزت ناقلة هانكوك كيمي وطاقمها بزعم إلقاء مواد كيميائية سامة في الخليج، وهو اتهام كاذب بشكل صارخ. في الأسبوع نفسه، اضطرّ خبراء المتفجرات إلى نزع فتيل لغم إيراني بناقلة نفط ترفع العلم الليبيري في المياه قبالة ميناء البصرة العراقي. وقال البحّارة على متن السفينة إم تي بولا إنهم اكتشفوا لغمًا من النوع الذي يشيع استخدامه بواسطة الغواصين البحريين. تم ربطها بجانب الناقلة وكان من الممكن أن تسبب أضرارًا مدمرة في حال انفجارها، خاصة وأن السفينة كانت تزود ناقلة إم تي نورديك فريدوم بالوقود، وهي ناقلة ترفع علم برمودا.
في مايو/ أيار 2021، اقترب زورق سريع مسلح بالمدافع الرشاشة الثقيلة، تابع لقوات حرس نظام الملالي، على بعد 150 ياردة من السفن الحربية الأمريكية بسرعة عالية، بينما كان الأمريكيون يسافرون عبر مضيق هرمز. كان لابد من إطلاق أعيرة نارية تحذيرية على سفينة قوات الحرس قبل انسحابها في النهاية. ثم في أغسطس/ آب 2021، اختطفت قوات كوماندوز قوات الحرس إحدى ناقلات النفط وأمرت “بالإبحار إلى إيران” – بعد أيام من هجوم بطائرة مسيّرة تابعة لقوات الحرس، نتج عنه مقتل حارس أمن بريطاني يعمل مع القوات الخاصة وجندي روماني في ناقلة النفط إم في ميرسر. تسلقت مجموعة مسلحة قوامها تسعة أفراد على متن سفينة أميرة الأسفلت قبالة ساحل خليج عمان بالقرب من مضيق هرمز، واستولت على السفينة تحت تهديد السلاح. ونفى نظام الملالي كعادته تورطه في هجوم الطائرات المسيّرة واختطافها.
يعتقد الملالي بوضوح أن سلوكهم العدواني سيؤدي إلى استسلام الولايات المتحدة بشأن المحادثات النووية المتوقفة. سيكون عليهم بالتأكيد التفكير مرة أخرى. فقد تراجعت المفاوضات لإعادة الاتفاق النووي المتهالك لخطة العمل الشاملة المشتركة، والذي وقّعه الرئيس الأمريكي باراك أوباما في عام 2015 ومزقه الرئيس دونالد ترامب في عام 2018، بسبب مطالب الملالي الهزلية. يصرّ نظام الملالي على رفع جميع العقوبات وشطب قوات حرس نظام الملالي كمنظمة إرهابية دولية.
من غير المرجح أن يؤدي استخدام قوات حرس نظام الملالي لتهديد الملاحة في مضيق هرمز إلى تشجيع التعاطف الأمريكي. في الواقع، تعرف الولايات المتحدة أن قوات الحرس وفيلق القدس خارج أراضيها يقفان وراء كل حروب نظام الملالي بالوكالة في سوريا واليمن والعراق ولبنان وغزة ومن المعروف أنهما يرعان الإرهاب الدولي في جميع أنحاء العالم. إن حروب النظام الخارجية وأعماله الإرهابية هي استراتيجية محسوبة لإلهاء شعبه الغاضب والجائع عن انتفاضة أخرى على مستوى البلاد يمكن أن تطرد الملالي من السلطة.
لقد حدثت المحاولة الحمقاء لدبلوماسية الزوارق الحربية خلال عام كارثي بالنسبة لديكتاتورية الملالي. لقد انهار الاقتصاد، وانتشرت البطالة، وخرج التضخم عن السيطرة، والعملة الإيرانية في حالة انهيار، كما أن أكثر من 75 بالمئة من السكان البالغ عددهم 80 مليون نسمة يكافحون من أجل البقاء على دخل دون خط الفقر الدولي. هناك احتجاجات يومية في البلدات والمدن في جميع أنحاء إيران.
خامنئي يترأس هرم الفساد. قوات حرس نظام الملالي تقع تحت قيادة خامنئي بشكل مباشر. إنها تسيطر على الاقتصاد بأكمله تقريبًا، بما في ذلك جميع المؤسسات النقدية والمالية الإيرانية، بالإضافة إلى أنها لا تدفع أي ضرائب. تقبع قوات الحرس وراء تسريع جهود النظام الحثيثة لبناء سلاح نووي واستمرّت أنشطته السرية قبل وأثناء وبعد التوقيع على خطة العمل الشاملة المشتركة المعيبة بشدة. بالإضافة إلى المحاولات المشينة لخداع الولايات المتحدة لإعادة العمل بالصفقة محكوم عليها بالفشل، وكذلك المحاولات العدوانية لتهديد الملاحة الدولية في مضيق هرمز.
ستروان ستيفنسون هو منسق الحملة من أجل تغيير إيران. كان عضوًا في البرلمان الأوروبي عن اسكتلندا (1999-2014)، ورئيس وفد البرلمان للعلاقات مع العراق (2009-14) ورئيس مجموعة أصدقاء إيران الحرة (2004-2014). وهو محاضر دولي في شؤون الشرق الأوسط ورئيس الجمعية الأوروبية لحرية العراق.