من الواضح أن جميع الأطراف تريد اتفاقًا نوويًا جديدًا مع نظام الملالي
تشير التطورات الأخيرة إلى وجود احتمال كبير بأن تتوصل القوى العالمية المتمثلة في كجموعة 5+1(المملكة المتحدة وروسيا والصين والولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا) ونظام الملالي في النهاية إلى اتفاق نووي جديد. ويرجع ذلك إلى حقيقة أن الأوروبيين والولايات المتحدة وجمهورية الملالي جميعهم يائسون للوصول إلى إتفاق لأسباب مختلفة.
يبدو أن الاتحاد الأوروبي مصمم على إتمام صفقة جديدة مع النظام على الرغم من التحدي النووي المتزايد، والتقدم السريع لبرنامجه النووي ومطالبه غير الضرورية وغير المنطقية. وبعد توقف المحادثات في فيينا، سافر مسؤول السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، إلى العاصمة طهران من أجل “عكس التوترات الحالية” وإبرام الاتفاق النووي. نجح جوزيب بوريل في تأمين استئناف المناقشات حيث أدّت جهوده إلى محادثات غير مباشرة الأسبوع الماضي بين الولايات المتحدة ونظام الملالي في قطر.
لا ترغب الدول الأوروبية في فقد علاقاتها الاقتصادية والتجارية مع جمهورية الملالي. فهم يواصلون العلاقات التجارية معهم على الرغم من العقوبات الأمريكية الحالية. وذكرت صحيفة طهران تايمز في فبراير/ شباط: “بلغت قيمة الأعمال التجارية بين جمهورية الملالي والاتحاد الأوروبي 4.863 مليار يورو (5.07 مليار دولار) في عام 2021، مسجلة نموًا بنسبة 9 بالمئة مقارنة بالعام الماضي … ووفقًا للبيانات الصادرة عن غرفة طهران التجارة والصناعات والمناجم والزراعة، صدرّت جمهورية الملالي ما قيمته 554 مليون من السلع إلى الاتحاد خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2021، بينما استوردت سلعًا بقيمة 2.7 مليار يورو. ” وبحسب صحيفة فاينانشيال تريبيون، فإن ألمانيا هي الشريك التجاري الأوروبي الأول لجمهورية الملالي، تليها إيطاليا.
في غضون ذلك، بينما يخفض الأوروبيون من وارداتهم من الغاز والنفط من روسيا، يبدو أنهم يبحثون عن إيران لتعويض ذلك العجز. قال بوريل في مايو/ أيار لصحيفة فاينانشيال تايمز: “نحن الأوروبيين سنستفيد كثيرًا من هذه الصفقة (النووية)، لقد تغير الوضع الآن. بالنسبة لنا، كان الأمر هامًا للغاية … “حسنًا، لم نكن بحاجة إليه (النفط الإيراني).” الآن سيكون من الهام للغاية أن يكون لدينا مورّد آخر”. عندما يتعلق الأمر بالولايات المتحدة، استثمرت إدارة بايدن كل رأس مالها السياسي في صفقة نووية متجددة ويبدو أنها مترددة في السعي وراء أي بدائل. قد يخشى البيت الأبيض أنه إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق مع حكومة الملالي، فإن الصراع العسكري سيكون حتميًا لمنع النظام من الحصول على أسلحة نووية.
قد يكون للتورط في حرب أخرى في الشرق الأوسط أثر سلبي للغاية لتصنيف قبول إدارة بايدن في الولايات المتحدة. في الوقت الحالي، لا يوافق غالبية الشعب الأمريكي على تعامل الرئيس جو بايدن مع الشؤون الخارجية، وفقًا لاستطلاع أجرته مؤسسة غالوب. لكن من خلال التوصل إلى اتفاق نووي، يمكن لإدارة بايدن أن تدّعي إنجازًا في السياسة الخارجية ونصرًا سياسيًا بالقول إنها حدّت من البرنامج النووي لنظام الملالي، ومنعت النظام من الحصول على أسلحة نووية، وتجنبت حرب أخرى في الشرق الأوسط، وأوقفت سباق التسلح النووي في المنطقة.
اللاعب الرئيسي الآخر هو نظام الملالي نفسه. هل يريد النظام اتفاقًا نوويًا، وإذا كان الأمر كذلك، فلماذا يضع العقبات التي تحول دون التوصل إلى اتفاق؟ من الواضح أن قادة نظام الملالي يريدون صفقة لأنها ستساعدهم على زيادة صادراتهم من النفط والغاز وزيادة عائداتهم. يواجه نظام الملالي حاليًا تضخمًا مرتفعًا وأزمة ميزانية وتراجعًا لقيمة عملته وتزايد كبير في المعارضة.
حذرّ أكثر من 60 اقتصاديًا محليًا الشهر الماضي حكومة الملالي من أنها بحاجة إلى التحرك الفوري لمعالجة الاقتصاد. واقترحوا أن يتوصل النظام إلى اتفاق مع مجموعة 5 + 1 من أجل رفع العقوبات، كما يجب أن يفي بالمطالب الصادرة عن مجموعة العمل المالي، التي أدرجت جمهورية الملالي في القائمة السوداء. وأضافوا: “وضع البلاد هشّ للغاية … سينفد صبر الناس وسيضع الحكومة والنظام وجهاً لوجه مع الشعب”.
لكن النظام يضغط بقوة للحصول على أكبر عدد ممكن من التنازلات قبل الموافقة على صفقة مع القوى العالمية. التنازلين اللذين تطلبهما إيران هما إزالة قوات حرس نظام الملالي من القائمة الأمريكية للمنظمات الإرهابية الأجنبية وضمان عدم تخلي واشنطن عن الاتفاق النووي، كما فعلت سابقًا في عهد دونالد ترامب.
ومع ذلك، يبدو أن سلطات نظام الملالي مستعدة للتخلي عن مطالبها، لأنها اقترحت مؤخرًا خطة جديدة خالية من مطلبها بشأن إزالة قوات الحرس من قائمة الإرهاب.
شأنه شأن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، يريد نظام الملالي إتمام الصفقة النووية، لكنه يلعب لعبته الكلاسيكية للحصول على أكبر عدد ممكن من التنازلات قبل التوقيع.
• الدكتور مجيد رفيع زاده عالم سياسي إيراني أمريكي تلقى تعليمه في جامعة هارفارد.
المصدر؛ARABNEWS