لماذا يجب ألا تتم مكافئة نظام الملالي
تأتي مكافأة أو استرضاء الدولة المارقة بشكل عام في شكلين متميزين: التجاهل التام للسلوك المدمر للنظام على الصعيدين الإقليمي والعالمي، ورفع الضغط السياسي والعقوبات الاقتصادية على الدولة المعنية.
لسوء الحظ، عندما يتعلق الأمر بنظام الملالي، يبدو أن الإدارة الأمريكية الحالية تتبع كلا الشكلين من أشكال الاسترضاء والمهادنة، والتي قد يكون لها تداعيات خطيرة على الأمن القومي للولايات المتحدة، فضلاً عن الأمن والسلام والاستقرار الإقليمي.
يجب على إدارة بايدن الامتناع عن التفاوض مع نظام مارق يحاول بنشاط تنفيذ الإرهاب على الأراضي الأمريكية خلال المفاوضات. في الآونة الأخيرة، اتُهمّ عضو قوات حرس نظام الملالي، شهرام بورصافي، المعروف أيضًا باسم مهدي رضائي، 45 عامًا، من طهران، بمؤامرة إرهابية تضمنت عرض 300 ألف دولار على فرد لقتل مسؤول سابق في الحكومة الأمريكية، جون بولتون. وصرّحت وزارة العدل الأمريكية: “يجب أن يكون هذا بمثابة تحذير لأي شخص آخر يحاول أن يفعل الشيء نفسه – سيبذل مكتب التحقيقات الفدرالي جهودًا لا هوادة فيها لتحديد وإيقاف ومحاكمة أولئك الذين يهددون شعبنا وينتهكون قوانيننا.”
شغل بولتون سابقًا منصب السفير الأمريكي الخامس والعشرين لدى الأمم المتحدة من 2005 إلى 2006 في ظل إدارة بوش والمستشار السادس والعشرون للأمن القومي الأمريكي من 2018 إلى 2019 في ظل إدارة ترامب. يُعتقد أن مايك بومبيو، وزير الخارجية الأمريكي الأسبق، هو الهدف الثاني لنظام الملالي، حيث ورد أن عضو قوات الحرس عرض مليون دولار لإكمال هذه “المهمة” المستقبلية.
عندما يتعلق الأمر بجمهورية الملالي، فإن الأوامر بتنفيذ اغتيالات خارج الحدود الإقليمية تأتي على الأرجح من أعلى قيادات النظام.
إذا لم يوجّه البيت الأبيض رسالة قوية إلى جمهورية الملالي بوقف المحادثات النووية، فسيتم تمكين قادة نظام الملالي وتشجعهم بشكل أكبر للتخطيط لاغتيالات على الأراضي الأمريكية. وقال ستيفن دي أنتونو، مساعد المدير المسؤول عن مكتب التحقيقات الفيدرالي في واشنطن: “محاولة اغتيال مسؤول حكومي أمريكي سابق على الأراضي الأمريكية أمر غير مقبول على الإطلاق ولن يتم التسامح معه”. يجب أن يُتبع تصريحه بإجراءات ملموسة من البيت الأبيض ضد نظام الملالي.
لا يستهدف النظام المسؤولين الأمريكيين السابقين على الأراضي الأمريكية فحسب، بل يستهدف أيضًا النشطاء الإيرانيين الذين ينتقدون نظام الملالي. على سبيل المثال، تم كشف النظام وهو يخطط لخطف مواطن أمريكي في بروكلين في يوليو/ تمّوز 2021، وهو انتهاك فعلي لسيادة الولايات المتحدة. حيث اتهم المدّعون الأمريكيون أربعة إيرانيين، يُعتقد أنهم عملاء استخبارات لنظام الملالي.
شخص خامس، نيلوفر بهادري فر، مقيمپ في كاليفورنيا، من أصل إيراني مرة أخرى، تم اتهامها بتقديم المساعدة المالية للمؤامرة، والتآمر على انتهاكات العقوبات، والتآمر على الاحتيال المصرفي، والتآمر لغسيل الأموال. قالت أودري شتراوس، المدعية العامة الأمريكية للمنطقة الجنوبية لنيويورك في ذلك الوقت: “كما يُزعم، قام أربعة من المتهمين بمراقبة وخطط لخطف مواطن أمريكي من أصل إيراني كان ينتقد استبداد النظام، وتم نقل الضحية المقصودة بالقوة إلى إيران، حيث كان مصير الضحية غير مؤكد في أحسن الأحوال”.
جدير بالذكر أن الاتفاق النووي سيؤدي إلى رفع العقوبات الاقتصادية الكبرى عن جمهورية الملالي، وسيعزز شرعيتها العالمية، ويفكك تجميد أصول نظام الملالي، ويمنح الملالي الحاكمين إمكانية الوصول إلى النظام المالي العالمي.
من المرجّح أن يستخدم النظام أولاً الإيرادات الإضافية لزيادة ميزانيته العسكرية وأنشطته الإرهابية في الخارج. ومن المرجّح بعد ذلك أن يؤدي ذلك إلى تصعيد تدخل إيران في الشؤون الداخلية للدول الأخرى. حدث هذا بعد الاتفاق النووي لعام 2015 عندما تصاعدت مشاركة نظام الملالي العسكرية في العراق بشكل متزايد. كما أصبح النظام أكثر قوة في دعم ومساعدة الحكومة السورية على المستويين العسكري والاقتصادي، فضلاً عن توفير المعلومات الاستخبارية والعمل بدور استشاري. تخفيف العقوبات، كنتيجة للعودة إلى الاتفاق النووي، من شأنه أن يساعد قوات حرس نظام الملالي وفيلق القدس، الذي يركّز على العمليات خارج الحدود الإقليمية، لدعم وكلاء النظام، بما في ذلك حزب الله والحوثيين والميليشيات الشيعية العراقية.
باختصار، يتحتم على إدارة بايدن محاسبة نظام الملالي وإرسال رسالة قوية لقيادته، وإلا فإن محاولات نظام الملالي الوقحة لقتل مواطنين أمريكيين على الأراضي الأمريكية ستستمر.
• الدكتور مجید رفیع زاده عالم سياسي إيراني أمريكي تلقى تعليمه في جامعة هارفارد. تويتر:Dr_Rafizadeh
المصدر:ARABNEWS
