الاتحاد من أجل الحرية والديمقراطية والمساواة​

دراسة في الجامعة العليا للدفاع الوطني للنظام الإيراني تحذر من “الانهيار السياسي” 

انضموا إلى الحركة العالمية

دراسة في الجامعة العليا للدفاع الوطني للنظام الإيراني تحذر من "الانهيار السياسي"

دراسة في الجامعة العليا للدفاع الوطني للنظام الإيراني تحذر من “الانهيار السياسي” 

دراسة في الجامعة العليا للدفاع الوطني للنظام الإيراني تحذر من “الانهيار السياسي” 

منذ نهاية عام 2017، شهدت جمهورية الملالي عدة انتفاضات واسعة النطاق واحتجاجات محلية لا حصر لها في عدد من المناطق، شارك فيها أشخاص من مجموعات مختلفة من الطبقات الاجتماعية والانتماءات المهنية. كانت هذه الظاهرة المستمرة مؤخرًا محور دراسة أجرتها الجامعة العليا للدفاع الوطني، وخلصت إلى أن “ثلاثة من كل أربعة إيرانيين يشاركون في الاحتجاجات” وأنه يمكن توقع استمرار مشاركة نسبة مماثلة في حالة اندلاع انتفاضات أخرى على مستوى البلاد في المستقبل القريب. 

شملت أكبر الانتفاضات السابقة، في نوفمبر/ تشرين الثاني 2019، ما يقرب من 200 مدينة وبلدة، بينما ظهرت شعارات انتشرت على مدار العامين الماضيين كتعبير عن المطالبة الواسعة بتغيير النظام. تم الترويج لهذه الشعارات إلى حد كبير من خلال جهود “وحدات المقاومة” التابعة لمنظمة مجاهدي خلق الإيرانية، الجماعة المعارضة المؤيدة للديمقراطية الرائدة في البلاد، والتي حمّلها المرشد الأعلى للنظام علي خامنئي شخصيًا مسؤولية حدوث انتفاضة أخرى على مستوى البلاد بدأت في ديسمبر/ كانون الأول 2017. 

يمثل خطاب خامنئي في يناير/ كانون الثاني 2018 حول هذا الموضوع خروجًا دراماتيكيًا عن الدعاية طويلة الأمد التي سعت إلى التقليل من التهديد الذي تشكله منظمة مجاهدي خلق على سيطرة نظامه على السلطة. قبل ثلاثين عامًا، سعى هذا النظام إلى القضاء على المعارضة بحملة إعدامات جماعية نابعة من فتوى سلف خامنئي، روح الله الخميني، والتي جاءت فحواها أن جميع أنصار مجاهدي خلق مذنبون بارتكاب جريمة كبرى تُعرف باسم “العداء لله”. على الرغم من أن مذبحة عام 1988 أودت بحياة أكثر من 30 ألف سجين سياسي، من بينهم ما يقرب من 90 بالمئة من أعضاء منظمة مجاهدي خلق الإيرانية، إلا أن المنظمة نفسها انتعشت واستمرت في النمو حتى يومنا هذا. 

في غضون ذلك، قررّت سلطات النظام في الغالب التظاهر ببساطة كما لو تم تدمير منظمة مجاهدي خلق بشكل فعّال. أثناء إدانتها للتنظيم في عدد لا يحصى من وسائل الإعلام الحكومية والمقالات والكتب بأكملها، استمرّ نظام الملالي في الترويج للرواية القائلة بأن دعم منظمة مجاهدي خلق كان يقتصر على “طائفة” أو “جماعة” تتألف في الغالب من المنفيين. لكن في السنوات الأخيرة، تم تقويض هذه الرواية بشكل خطير من قبل أنشطة وحدات المقاومة، والتي أصبحت تعكس نطاقًا أوسع من التكتيكات أكثر من أي وقت مضى. 

في وقت مبكر من هذا العام، بدأ أنصار منظمة مجاهدي خلق حملة جادة تضمنت حتى الآن السيطرة على إشارات بث وسائل الإعلام الحكومية وإيقاف المواقع الحكومية على الإنترنت. في كلتا الحالتين، تم استبدال محتوى النظام بصور للمرشد الأعلى موضوع عليها علامة (x)، مصحوبة بالشعار المألوف الآن “الموت للديكتاتور” بالإضافة إلى مقتطفات من خطابات زعيم المقاومة الإيرانية مسعود رجوي ومريم رجوي الرئيسة المنتخبة للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية. 

وسط هذه الأنشطة، واصلت وحدات المقاومة أيضًا عملياتها الميدانية التي تم ممارستها جيدًا، حيث نشرت صورًا لمسعود ومريم رجوي في الأماكن العامة إلى جانب رسائل تحث الناس على التصدي للسلطات القمعية. تصاعدت هذه العمليات أيضًا في بعض النواحي، كما يتضح من عدة تقارير عن أنصار مجاهدي خلق يسيطرون على أنظمة الخطاب العام لإصدار دعوات لمزيد من الانتفاضات. 

في يناير/ كانون الثاني 2022، وجهوا أيضًا ضربة كبيرة للدعاية العسكرية للنظام من خلال إشعال النار في التمثال الذي تم كشف النقاب عنه حديثًا لقاسم سليماني، القائد المقتول لفرقة العمليات الخاصة الأجنبية في قوات حرس الملالي، فيلق القدس. قبل ذلك بعامين، حاول النظام حشد الدعم لنفسه على خلفية مقتل سليماني على يد غارة أمريكية بطائرة مسيّرة، لكن انتهى به الأمر بإثارة انتفاضة أخرى مناهضة للحكومة عندما أدّت جهود الانتقام إلى إسقاط عرضي ظاهريًا لطائرة تجارية بالقرب من العاصمة طهران. 

كان توقيت تلك الانتفاضة رائعًا للغاية، نظرًا لأنها جاءت بعد شهرين فقط من انتفاضة نوفمبر/ تشرين الثاني 2019 التي تم إخمادها بعنف، حيث أودت عمليات إطلاق النار الجماعية بحياة 1500 شخص على الأقل. علاوة على ذلك، استغلّت وحدات المقاومة والنشطاء الإيرانيون العاديون انتفاضة يناير/ كانون الثاني 2020 لإدانة قوات حرس نظام الملالي صراحة، على الرغم من حقيقة أنه كان الكيان الأكثر مسؤولية عن عمليات إطلاق النار هذه. 

إن السلوك المستمر لقوات حرس نظام الملالي ومؤسسات الدولة الأخرى هو استراتيجيات قمعية تفشل في احتواء الغضب العام. يبدو أن دراسة الجامعة العليا للدفاع الوطني الأخيرة تقر بفشل تلك الاستراتيجيات، وهو الأمر الذي أدركه صانعوا تلك الاستراتيجيات، الذين يعملون نيابة عن هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة، وأوصوا بتدخلات بديلة لمنع الانتفاضات المستقبلية من خلال معالجة المظالم الكامنة في الواقع. وأفادت الدراسة، على سبيل المثال، أن السلطات يجب أن تبدأ “إصلاح الحكم السياسي” وإعطاء الأولوية “للعدالة الاجتماعية” فضلًا عن التفاوتات الاقتصادية ونقص الحراك الاجتماعي الذي يمثل القوة الدافعة الرئيسية وراء الاضطرابات الاجتماعية. 

حذرّت الدراسة أيضًا من أنه في حالة عدم وجود تدخلات بناءة، فمن المرجّح أن يتعامل النظام مع الاحتمال المتزايد “أن المجتمع الإيراني على أعتاب الانهيار السياسي”. لمنع هذا الانهيار، اتخذ النظام شخصية أكثر تشددًا في مواجهة الانتفاضات السابقة. ومن أوضح الأمثلة على هذا الاتجاه تعيين إبراهيم رئيسي في يونيو/ حزيران 2021 رئيساً جديداً للنظام. 

في عام 1988، لعب رئيسي دورًا رائدًا في مذبحة السجناء السياسيين، وفي عام 2019 قاد القضاء خلال حملة قمع انتفاضة نوفمبر/ تشرين الثاني. لذلك كان يُنظر إلى تأييد خامنئي له على نطاق واسع على أنه دعوة لمزيد من نفس القمع، وقد تماشى العام الأول لرئيسي في المنصب إلى حد كبير مع هذا التوقع. 

خلال تلك الفترة، ارتفع معدل الإعدامات في السجون الإيرانية بشكل كبير، وقد زاد عن  الضعف مقارنة بالعام السابق كجزء من محاولة واضحة لتعزيز مناخ أقوى من الخوف. في هذه الأثناء، عزّز النظام بشكل واضح تطبيق أيديولوجيته الأصولية، وصعّد من الاعتقالات والمضايقات ضد الأقليات الدينية والعرقية بينما أصدر قوانين لتقييد حقوق المرأة وتسريع معاقبة الجرائم الدينية مثل الحجاب غير اللائق. 

حتى الآن، فشلت هذه الاتجاهات في إسكات التعبيرات العلنية عن المعارضة. على الرغم من حقيقة أن دراسة الجامعة العليا للدفاع الوطني والتقارير المختلفة في وسائل الإعلام الحكومية تظهر وعيًا واسع النطاق بالحالة المتفجرة للمجتمع الإيراني، فإن النظام غير قادر على تغيير ذلك المسار.