ماذا بعد طرد الملالي من لجنة المرأة بالأمم المتحدة
أغلبية مُعززة، وقرار صائبٌ منصف لكنه مثير للإستغراب بعد صمت دام أكثر من أربعة عقود رأت فيها المرأة الإيرانية الويلات على يد هذا النظام الوحشي الذي استخف بكل قيم واستثمر الصمت الدولي ولغة وسياسة الاسترضاء لصالحه ليتمادى في ظلمه وطغيانه..، وقد كانت أعلى معدلات الإعدام وخاصة معدلات إعدام النساء والأطفال، وأبشع ممارسات القمع والعنصرية، وحملات التعذيب الوحشية ضد السجناء، ومجازر الإبادة الجماعية، وانتهاكات حقوق الإنسان وغيرها من الجرائم البشعة التي أقر النظام نفسه بعضها وفضحته المقاومة الإيرانية في البعض الآخر.. كانت كلها كوارث تستوجب أشد العقوبات بحق هذا النظام وليس طرده من لجنة المرأة فقط.
ما وراء القرار
ما وراء القرار صمت لم يعد له مبرر، وسكوت يجعل الكثيرين في وضع المتسترعلى تلك الإنتهاكات والجرائم، ونظام لا رجاء فيه حتى لو أسقوه ماء الحياة، وتلميحات بالإصلاح لا جدوى منها ولا أمل ولا ثقة فيها بعد فضيحة الإصلاحيين وكشف أوراقهم أمام الشعب الذي قالها بصراحة في شعاره (لا إصلاحيين ولا محافظين لقد انتهت اللعبة) وهو شعار عميق يدل على أن الشعب قد سئم من حيل النظام وأباطيله وشبع منها، ولم يعد بالإمكان لنظام يمثل شريحة 4% من أجمالي الشعب أن يحكمهم، ولم يعد بالإمكان شد الأحزمة على البطون أكثر من مما هو عليه الحال، ولم يعد بالإمكان السكوت على ذبح النساء بالمناجل والسواطير وبأدوات أخرى مرعبة ويسير الجناة برؤوس ضحاياهم من النساء تقطر دما لا حياء ولا خجل ولا خوفا من رادع ولا وازع أخلاقي، ولم يخرج رجل دين من هؤلاء الملالي السفهاء ويقول اتقوا الله في بناتكم ..اتقوا الله في نسائكم واخواتكم وأمهاتكم وبنات الناس اللائي يعشن كأمانة في بيوتكم، الأمر مقزز ومرعب وكثيرة هي المصائب التي لم يعد بالإمكان عليها وبلا حصرٌ ولا عد، لكن ما يثير الإستغراب حقا هو تأخر هكذا قرار وغيره من القرارات رغم موجباته ورغم علم المؤسسات الدولية بما يجري في إيران داخل السجون وخارجها وفي الدوائر الحكومية وفي الشوارع والبيوت وعلى مقاصل الإعدام وحتى ما جرى ويجري في المقابر، ومن محاسن الأمور أن المعارضة الإيرانية وخاصة المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية مؤسسات منظمة وتتعامل مع كل مفردة على درجة عالية من الأهمية وتقوم بأرشفة كل صغيرة وكبيرة وتتبادلها مع المؤسسات الدولية المعنية التي تغاضت وغضت البصر عن الكوارث والمصائب التي ارتكبها النظام من خلال إنتهاج سياسة استرضاء ومهادنة مشينة لا تليق ولا تتماشى مع القيم والقوانين التي سنها المجتمع الدولي وفرضها على نفسه خاصة تلك القيم المتعلقة بحقوق الإنسان.
لقد كان وراء صناعة هذا القرار أبطال لا ينامون ولا يغفلون ويصلون الليل مع النهار، ومارسوا الضغوط هنا وهناك، ودفعوا بالأمور نحو طرح مشروع القرار واستصداره بحيث لم يعد أمام المؤسسات الدولية سوى الاستماع إلى مظالم الشعب الإيراني والرضوخ لمطالبه المشروعة، علما بأن الشعوب إذا ثارت لا تأتمر بأمر شرق ولا غرب ولا تعرف سوى إرادتها هي فقط ، لكن الأمر يختلف بالنسبة لدولة إيران والنظام الإيراني حيث دأب النظام الإيراني على الدفع بمن يهادنونه ويراضونه نحو خلق قرارات دولية تتهم كل من يقف في وجهه بالإرهاب وقد حدث من قبل وممكن الحدوث في أي لحظة ما دامت سياسة الإسترضاء قائمة، وهنا فإن أي تحركات مسلحة للثوار على أرضية الشارع في إيران قد تصطدم بالتهم التي ستتحرك من خلال سياسة وثقافة الإسترضاء.
ماذا يعني صدور هذا القرار
على الرغم من بقاء نظام الملالي في عضوية المؤسسات الدولية الأخرى وأن البعض قد لا يرى في طرد الملالي من لجنة المرأة بالأمم المتحدة ذلك الأمر المهم ابا أن الحقيقة الذي يجب أن يعيها أصحاب هذا الرأي أن الشرعية لا تتجرأ من حيث المبدأ، أي أن الشرعية الدولية كتلة واحدة ومضمونا واحدا، وسقوط شرعية نظام الملالي على وجه التحديد في لجنة المرأة بالأمم المتحدة تعني سقوط شرعيته كليا بالمؤسسات الدولية الأخرى ذات الصلة فقرار لجنة المرأة بإدانة الملالي وكنسهم إلى خارج اللجنة يعني تراجع وضعف خط المهادنة مع النظام خاصة عندما يُدرك المهادنون أن عملية شوي البصل على أذان الملالي قد بدأت وأن رائحة الشواء بدأت تنتشر في الأرجاء وأن محاولاتهم لن تجلب لهم سوى العار…، وأفضل الخيارات اليوم هي استرضاء الشعب الإيراني ليس النظام.
محمد أسعد بيوض التميمي / كاتب ومحلل سياسي فلسطيني