قيمة العملة الإيرانية تنهار، وفشل آخر للنظام وسط الانتفاضة
تنخفض العملة الوطنية الإيرانية بشكل سريع للغاية، لتصل الآن إلى أدنى مستوى لها على الإطلاق عند 410 ألف ريال مقابل الدولار الأمريكي. ويشير السقوط الحر للريال إلى أزمة اقتصادية كارثية في إيران وشعور عميق بعدم الأمان بين المستثمرين.
يرى العديد من الخبراء الاقتصاديين أن تخفيض قيمة العملة مازال مستمرًا، وذلك نظرًا لأن سعرها يعتمد على عوامل الاقتصاد الكلي مثل التضخم، ومعدل السيولة المتزايد بسبب طباعة الأوراق النقدية من قبل النظام، وهروب رأس المال الضخم، وتدمير الإنتاج، وانخفاض الناتج المحلي الإجمالي.
في الوقت الذي يتم فيه سحق الإيرانيين تحت هذه الضغوط الاقتصادية، أمضى رئيس النظام إبراهيم رئيسي وحكومته وقتًا في إنكار وجود الأزمة من الأساس، مطالبين بالنمو المالي والإنجازات. يصعب على الإيرانيين تغطية نفقاتهم مع ارتفاع أسعار السلع الأساسية، لكن رئيسي يتفاخر بانخفاض نسب التضخم والنمو الاقتصادي وإعادة فتح المصانع المغلقة ووفرة الاحتياجات الأساسية للمواطنين.
كما ادّعى رئيسي زيفًا في 15 ديسمبر / كانون الأول في خطاب ألقاه في مدينة بيرجند “العدو محبط ويحسد تقدمنا. إنهم لا يريدون أن يروا بلدنا يتقدم في الإنتاج والصناعة والزراعة وغيرها من المجالات العلمية. قطار التنمية يسير على الطريق الصحيح، والعدو يريد إيقافه.”
على مدى الأشهر الأربعة الماضية، هزّت الاحتجاجات المناهضة للنظام إيران. بدأت الانتفاضة في جميع أنحاء البلاد في البداية في أعقاب القتل المأساوي لفتاة كردية شابة من قبل شرطة الآداب. كانت وفاة مهسا أميني الشرارة التي أخرجت المجتمع الإيراني المتفجر من سيطرة نظام الملالي. عقود من الأزمات الاقتصادية والاجتماعية بسبب فساد النظام وسوء إدارته وعدم كفاءته، تحولت إلى كراهية اجتماعية، ولم يتطلب الأمر سوى شرارة للانفجار. والآن يهتف الناس في الشارع “من أجل الفقر والفساد وارتفاع الأسعار سنستمر حتى سقوط النظام”، حيث يعتبرون أن الحكم الديني هو أصل كل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية.
ومع ذلك، فإن الحقائق المستعصية لا تمنع المسؤولين ووسائل الإعلام الحكومية من تحريف الحقيقة. كتبت صحيفة كيهان اليومية المعروفة باسم المرشد الأعلى، الناطقة بلسان علي خامنئي، في 24 نوفمبر/ تشرين الثاني: “يلجأ الأعداء إلى أعمال الشغب لأنهم يحسدون إيران القوية التي تواصل التقدم في العلوم”.
بصفته أعلى سلطة في النظام، كان خامنئي أول من ادّعى الإنجازات الاقتصادية والتطورات العلمية. رئيسي ومسؤولون آخرون ووسائل الإعلام الحكومية يكررون فقط أقوال خامنئي ويحاولون تنفيذ أساليبه.
كان خامنئي قد ادّعى في مناسبات مختلفة أن “سرعة التطور العلمي للنظام تبلغ 13 ضعف متوسط النسبة العالمية”، “حيث نقع في المرتبة الأولى بين الدول من حيث تكنولوجيا النانو”، “بينما نقع في المرتبة الرابعة أو الخامسة في العالم في الصواريخ والطائرات المسيّرة “، و” نأتي في المرتبة الثامنة عشر من بين أكبر الاقتصادات في العالم “.
القطار الحقيقي الذي يسرع وسط أزمات النظام الداخلية والدولية هو قطار الكذب والخداع. ومع تزايد خطورة هذه الأزمات على نظام الملالي، زادت السلطات من خداعها وادعائها الزائف.
ومع ذلك، فإن السقوط الحر لسقوط للبلاد وحده يفضح زيف مزاعم فاشية نظام الملالي. طهران مجردة من أي حلّ ينفي هبوط العملة الوطنية وارتفاع أسعار السلع. يعكس الاتجاه التصاعدي لسعر الصرف والعملات المعدنية التراجع الحر للريال ويشير إلى الإفلاس الاقتصادي المطلق للدولة وتفاقم الفقر والبؤس.
إلى جانب ذلك، تشير هذه الأزمة الاقتصادية إلى فشل رئيسي. عندما اختاره خامنئي رئيساً للنظام في يونيو/ حزيران 2021، وعد رئيسي بالسيطرة على سعر العملة، وخفض معدل التضخم إلى رقم واحد، وتحقيق نمو اقتصادي بنسبة 8 بالمئة، وبناء أربعة ملايين منزل. بل إنه ذهب إلى حد السخف الذي يأمر بالأسعار لوقف الزيادة أو القضاء على الفقر في أسبوعين!
الآن، يفضح التخفيض غير المسبوق لقيمة العملة الإيرانية زيف كل هذه المزاعم وما يسمى بـ “المشاريع”. حيث انخفض سعر صرف الدولار من 260 ألف ريال في سبتمبر/ أيلول 2021 إلى 410 آلاف ريال. بعبارة أخرى، في أقل من عام ونصف، انخفض 60 بالمئة من قيمة العملة، وبالتالي انخفضت القوة الشرائية للأفراد.
خلال تنصيب رئيسي في يوليو/ تمّوز 2021، وصف خامنئي رئاسته بأنها “عمل مفيد للغاية”. وتوقع أن “المسؤولين الجدد بمبادرات جديدة سيأخذون زمام المبادرة”. كان الهدف الحقيقي لخامنئي في جذب قاتل جماعي عديمي الضمير مثل رئيسي هو تعزيز سلطته في نظامه لقمع انتفاضة تلوح في الأفق بسهولة. لكنه فشل فشلًا ذريًعا لأن القمع وحكومة رئيسي لم تستطع وقف ما يعتبره الكثيرون ثورة في طور التكوين في إيران، واستمرّت الاحتجاجات لأربعة أشهر متتالية رغم محاولات النظام قمعها.
ألقى خامنئي باللوم على سلف رئيسي، حسن روحاني، وحكومته لعدم تنفيذ مبادئه الاقتصادية. لكن منذ قدوم رئيسي، لا يستطيع خامنئي إلقاء اللوم على حكومته المختارة بعناية، مما يساعد الجمهور على فهم أنه المشكلة الحقيقية بصفته أعلى سلطة في النظام. لذلك، فإن الشعار الرئيسي للاحتجاجات الحالية هو “الموت لخامنئي”.
وفي رسالة بتاريخ 25 ديسمبر / كانون الأول، حذّر حسين أنصاري، النائب السابق والمسؤول الكبير، خامنئي قائلًا ” لقد فشلت جمهورية الملالي في جميع المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية. هذه [الانتفاضة] هي شعلة صغيرة من نار أكبر من الغضب والتعاسة وانعدام الثقة بسبب سوء الإدارة الفاسدة التي تركت مطالب المواطنين دون معالجة أثناء محاولتهم السيطرة على حياتهم الشخصية. إذا لم نتحرك الآن، فسيحدث انفجار هائل.”