هل سيحقق خامنئي هدفه في الانتخابات بكافة ضروب بث الفتنة التي يتبناها في غزة؟
صادق بهروزي
نجد في خضم الأحداث الجارية في غزة هذه الأيام أن الجميع رأوا بأم أعينهم أن خامنئي المجرم قد حاول بكل ما لديه من قوة ونفوذ تحقيق أهدافه في غزة، لكنه فشل في ذلك، وعلى حد تعبير السيد رجوي، زعيم المقاومة الإيرانية، في رسالته المؤرخة بتاريخ 6 نوفمبر الماضي، فإن خامنئي تناول لقمة أكبر من فمه، فعلقت في حلقه، بحيث لا يستطيع ابتلاعها، أي أنه قد تعهد بشيء لا يستطيع تحقيقه، فلا تمكن من حل القضية بطريقة مرضية لجميع الأطراف ولا من الإعراب عن ندمه ممّا فعل، وتجرع كأس السم مثلما فعل إمامه الملعون الهالك المقبور، خميني. ويلمِّع خامنئي الموضوع في محاولة منه لتحسين مظهر الأمر والتستر على سلبياته. لأنه بعد هذه الأيام من الهدنة وتبادل عدد من الأسرى لدى الطرفين، أي حماس وإسرائيل، بدأت الحرب من جديد، ولم تشن حماس الهجوم هذه المرة، ولم تؤتي توسلات ومطالب نظام الملالي ومرتزقته من إسرائيل التي تم تقديمها هذه الأيام، بأسلوب نظام الملالي، أي قلب الحقائق؛ ثمارها. لأن أكثر من نصف العالم إن لم نقل كل العالم يدعم طرح الدولتين لحل القضية الفلسطينية. والأدلة التي تشير إلى تطورات الساحة السياسية، خاصة بعد لقاء وزير الخارجية الأمريكي، توني بلينكن، أمس، بالسيد محمود عباس في رام الله هي خير دليل على هذا الادعاء. ولكن إذا أردنا التطرق إلى الحديث عن وضع نظام الملالي بعد هذه الفترة من إثارة خامنئي للفتنة، فلا بد أن نجيب بادئ ذي بدء على هذا السؤال المهم: هل حقق خامنئي هدفه من خلال تحركه هذا الذي ينطوي على أهداف محددة؟
للإجابة على هذا السؤال؛ من الأفضل أن نلقي مرة واحدة نظرة على هذا الجزء من رسالة السيد رجوي؛ لأنه لا يوجد خصم لهذا النظام الدجال والعدواني سواه، وإلا فإن هذا النظام سيقود الجميع إلى المجهول ببث الفتنة كما هو الحال دائمًا.
قال السيد مسعود رجوي، قائد المقاومة الإيرانية، في رسالته بتاريخ 6 نوفمبر 2023:
“يسعى خامنئي بهجوم حماس على إسرائيل إلى أن يوجِّه المزيد من الإشارات في طريق تقليص نظامه الهش والمبتلى بالأزمات. إحداها “هندسة الانتخابات البرلمانية ومجلس الخبراء الرجعيين لصالح الأحزاب والشخصيات الموالية لنظام الملالي، خاصة وأن قضية خلافة خامنئي الخطيرة باتت قيد النظر”.
وبما أن خامنئي يعلم جيداً أن مختلف عصابات نظام الملالي لن تستسلم ببساطة لتقليص النظام وتماسك عصابة خامنئي، سوف تزداد المواجهة بين الأطراف المتنازعة حدةً. ولهذا السبب، بدأ خامنئي عملية هندسية ليتمكن من سحب أفراد عصابته من الصناديق. وفي هذا الصدد، اتخذ خامنئي خطواته الأولى، وهي:
- يسعى خامنئي إلى إكمال مشروعه الانكماشي، وهو مشروع يهدف إلى تضييق دائرة السلطة والنفوذ في أيدي قلة من المقربين منه مستفيداً من إشعال الحرب في غزة.
- لم يجد خامنئي أمامه أي خيار لمواجهة الانتفاضات سوى القمع والإعدام، ويحتاج إلى جهاز موحد في السيادة المتمركزة حوله، حتى يتمكن من الحفاظ على بقائه.
- قامت الهيئة التنفيذية للانتخابات (وزارة الداخلية) بادئ ذي بدء، في هذه العملية الهندسية بإقصاء القائمة الأولى لمرشحي عصابة الإصلاحيين، وبعض الأعضاء الحاليين في مجلس شورى الملالي الذين كانوا قد أبدوا اعتراضًا بسيطًا على سياسة الولي الفقيه. كما سيتم إقصاء البقية من السباق الانتخابي في تصفية مجلس صيانة الدستور.
- والمثير للاهتمام هو أن عصابة خامنئي تواصل فرض سيطرتها على البلاد، على الرغم من التحديات التي تواجهها، مثل الاحتجاجات الشعبية والعقوبات الدولية. وتطلق على نواب البرلمان الحالي اسم “مجموعة المرتزقة الأجانب” وتقول: “ما زلنا ضعفاء في الانتخابات… إلخ. ويجب علينا أولاً أن نصل إلى مستوى يسمح لنا بمنع توقف الثورة مرة أخرى كل 4 سنوات أو 8 سنوات، وأن نمنع مجموعة المرتزقة الأجانب من التصويت، وحينها يمكننا إن شاء الله مع جبهة المقاومة هذه، أن نجعل منطقة الشرق الأوسط والدول الإسلامية قوية وننقذها. وهذا هو أكبر إخفاق لخامنئي في خطه تقليص الانتخابات البرلمانية السابقة.
- لكن مهما كانت قوة عصابة خامنئي، إلا أن العصابات الأخرى تثير اعتراضات تافهة على خامنئي وعصابته ورئيسي في كل فرصة تتاح لها، مما يعني أنهم يعرقلون مضيهما قدماً فيما يصبوان إليه من خلال خلق المشاكل لهما.
وبناءً عليه، بغض النظر عمّا حدث في غزة، كان ثمن إثارة خامنئي للفتنة هو التضحية بكل هؤلاء الناس وتشريدهم في هذه الدولة من المنطقة، وهو أمر يمزق حقاً نياط قلب كل إنسان. ولا مجال لتناول هذه القضية في هذا المقال. لكن النقطة التي يجب أن نأخذها بعين الاعتبار بعناية أكبر، هي وحشية وعبثية هذا النظام المحتضر، وهي الحقيقة التي لم يتم تناولها حتى في التغطيات الإخبارية والتقارير الدولية وحتى الإقليمية. ورغم أنه لم يتم كشف النقاب عن العديد من الحقائق بعد، ولكن تم كشفها أمامهم إلى حد ما في مقابلات وسائل الإعلام الدولية مع قادة حماس. ولكن هذا جزء بسيط من إثارة خامنئي للفتنة، وعلى حد تعبير السيد مسعود رجوي الذي قال في بداية الحرب إن: “رأس الأفعى في طهران”، وإن كان نظام الملالي قد استطاع بهذه الحيل واللجوء إلى القمع الوحشي داخل إيران؛ أن يخفف مؤقتًا من وطأة هذه الثورة قليلًا، إلا أنه من المؤكد أنها ستعود إلى الساحة بشكل أوسع وأشرس، مثل الثورات السابقة في أعوام 2017 و2019 و 2022 و 2023، وستقضي على هذا النظام المجرم. لكن الشعب الإيراني قد عقد العزم على كسر كل أغلال هذا النظام الفاشي، حتى لو كثف عمليات الإعدام، وذلك اليوم ليس ببعيد. قال الله تعالي في القرآن الكريم: ” فأما الزبد فیذهب جفاء وأما ما ینفع الناس فیمکث فی الأرض”
وقال الشاعر التونسي:
إذا الشعب یوماً أراد الحیاة فلا بد أن یستجیب القدر
ولابد للیل أن ینجلي ولا بد للقید أن ینکسر