إيران.. مهزلة الانتخابات في منحدر سقوط الديكتاتورية!
بقلم عبدالرحمن کورکی (مهابادي)*
يعتزم الولي الفقيه الإيراني إجراء مهزلة انتخابية، ويواجه نظامه منحدر السقوط، وهو خطأ قاتل في مصير الديكتاتورية الدينية الحاكمة في إيران. فقد دق جرس نهاية حياة هذا النظام في انتفاضة عام 2022، وخاصةً بعد إشعال النظام فتيل الحرب في الشرق الأوسط مؤخرًا. وكل شيء يشير إلى بداية سقوط الدكتاتورية الدينية الحاكمة في إيران و”ضرب رأس نظام الملالي على الحجر”. هناك اتفاق عام على أن الزمن قد تغير ولن يعود إلى الوراء أبدًا، وأن السلام والاستقرار والأمن في إيران ومنطقة الشرق الأوسط لا يمكن تحقيقه إلا من خلال الإطاحة بهذه الديكتاتورية الإرهابية المثيرة للحرب!
انتفاضات متتالية!
لقد وضعت انتفاضات السنوات القليلة الماضية في إيران الأساس لانتفاضة أكبر وأكثر شعبية وجذرية. منذ اندلاع انتفاضة يناير 2018، التي ألغت المشروع الاستعماري الرجعي “الإصلاحية” داخل نظام ولاية الفقيه، توالت الانتفاضات، بما في ذلك انتفاضة نوفمبر 2019، التي هزت أركان نظام الملالي، واضطر علي خامنئي لسفك دماء أكثر من 1500 متظاهر إيراني و قطع خطوط الإنترنت.
ولدت انتفاضة 2022 من رحم تلك الانتفاضة السابقة، حيث بدأت بسفك دماء فتاة كردية تُدعى مهسا (جينا) أميني على يد جلاوزة النظام. هذه الانتفاضة هزت أركان نظام ولاية الفقيه الفاسد الحاكم في إيران، وغيّرت المشهد السياسي في البلاد تمامًا لصالح الشعب وعلى حساب الدكتاتورية.
في انتفاضة 2022، تمكّن الشعب من هزيمة الديكتاتورية الحاكمة في مواجهة الانتفاضة، وكشف النقاب عن العفاريت الرجعية والاستعمارية. قرر خامنئي اللجوء إلى إثارة الحرب خارج حدود إيران في محاولة لتأخير الإطاحة بنظامه لبضعة أيام. وهذا هو المشهد الذي تعيشه إيران والمنطقة والعالم حاليًا.
دكتاتورية جريحة!
ما لا يخفى على أحد، وما يتفق عليه الجميع بشكل أو بآخر، هو أن ديكتاتورية ولاية الفقيه لم تتوانَ أو تكتفِ بأي وسيلة للحفاظ على نظامها في أوقات وأماكن مختلفة. من شيطنة المقاومة الإيرانية إلى عمليات القتل والاغتيالات المتسلسلة داخل إيران، وقتل الأشخاص في البلدان المجاورة، وتفجير الأماكن المقدسة في العراق ونسبتها إلى المقاومة الإيرانية، وحتى عمليات القتل مثل الانفجار الأخير في كرمان بهدف تحويل الرأي العام واللجوء إلى اثارة الحرب في العراق وسوريا واليمن ولبنان وفلسطين، إلخ. هذا يثبت أنه كلما تعرض هذا النظام لتحديات، فإن هذه الديكتاتورية ترتكب جرائم بشعة بل وتلتهم بعض أعضائها!
ولكن بفضل وعي ويقظة الشعب وتجذر المقاومة في الداخل الإيراني، سرعان ما فشلت حيل وخدع الديكتاتورية، ولم تتوقف انتفاضة الشعب حتى يتم إسقاطها.
بعض الأسئلة الأساسية!
تطرح بعض الأسئلة الأساسية! هل سيستمر الوضع الراهن؟ هل سيتمكن خامنئي من البقاء في الحكم؟ هل سيوقف الشعب استمرار الانتفاضة ويتخلى عن سعيه لإسقاط هذا النظام؟ هل سيستمر المجتمع الدولي في قبول هذا النظام في مجتمعه؟ وهناك العديد من الأسئلة الأخرى التي تجيب عليها كلمة “لا أبدًا!”
في ظل حكم النظام الديني في إيران، يثار جدل حول طبيعة الانتخابات في البلاد. يعتبر البعض أنها لا تتوافق مع مبادئ الديمقراطية والتقدم والحضارة الإنسانية. فبموجب مبدأ ولاية الملالي، يُشترط أن يكون المرشح مؤمنا بمبدأ ولاية الفقيه، وأن شرطة المشاركة في هذه العروض هو الايمان بهذا المبدأ. لذا، فإن انتخابات الدكتاتورية الدينية أكثر إثارة هذا العام من أي عام آخر. إنها تجسد مشهدًا مثيرًا “لمتورط في مستنقع الموت”، حيث يحاول التشبث بكل حشيش.
في إيران، تحت حكم ولاية الفقيه، يعتبر المرشح ممثلًا للمرشد الأعلى وليس ممثلًا للشعب، ومن يصوت يعتبر خائنًا أو جاهلاً. وتعتبر حالات الإقصاء الأخيرة، التي لم تحدث في تاريخ النظام، مجرد تقليص لنطاق النظام وعلامات على نهاية الديكتاتورية الثيوقراطية، وليس لها أي صلة بالشعب الإيراني. سواء كان المؤهلون أو غير المؤهلين، فإنهم ليسوا مع الشعب، بل هم يسعون إلى ارتكاب المزيد من الجرائم والنهب من ثروات الشعب الإيراني قدر الإمكان!
على مر التاريخ، كان مصير الديكتاتوريات متشابهًا. فما يقوم به الشعوب بشكل عام والقوى السياسية بشكل خاص هو “تقصير الوقت” و”تغيير الآليات”، وهي خطوات يمكن تحقيقها بسهولة. وستحصل الشعوب والقوى الثورية في المجتمع على ما يريدونه في نهاية المطاف!
كلمة محددة!
في إحدى رسائله الأخيرة حول مهزلة الانتخابات في النظام الإيراني، صرح قائد المقاومة الإيرانية، السيد مسعود رجوي، قائلاً: “يعتبر تصويت الشعب الإيراني رفضًا لديكتاتورية النظام الديني بالعنف وإسقاطها”. وأضاف: “تصويت الشعب في هذا النظام يعتبر رفضًا للإسلام ومصالح إيران، ويعد دوسًا على دماء الشهداء. فمن يصوت في هذا النظام إما خائن أو جاهل”.
من الواضح أن هناك وجهات نظر متضاربة بشأن الانتخابات في إيران، وتلك الوجهات تعكس الانقسام والتشدد السياسي في البلاد.
الانتخابات من منظورين!
يمكن تفسير الانتخابات من منظورين مختلفين في إيران.
- بالنسبة للنظام الديكتاتوري والمبدأ السائد لولاية الفقيه، تعني الانتخابات “التصويت لصالح الديكتاتورية الحاكمة” والتمسك بمبدأ ولاية الفقيه.
- أما بالنسبة للشعب، فإن الانتخابات تعني “الاختيار من جانب الشعب”، حيث يعارض الناس هذا النظام وشعارهم هو “الموت لمبدأ ولاية الفقيه”.
هوية الديكتاتورية الدينية!
في خطابه الأخير حول مسرحية الانتخابات في إيران، وصف علي خامنئي، المرشد الأعلى للنظام، المعارضة للنظام بأنها “معارضة للإسلام”. وأكد: “الانتخابات واجب، وكل من يعارض الانتخابات هو ضد الجمهورية الإسلامية وضد الإسلام”. يعتبر المرشد الأعلى أن غالبية الشعب الإيراني يعارض “الجمهورية الإسلامية” ويعارض “الإسلام”، وأن قتلهم هو “مشروع” و”بلا مانع”. هذا هو التفسير الذي ينتهجه المرشد الأعلى وهو يعتبر نفسه “القائد الأعلى” ووصيًا على الشعب.
لماذا الخيانة؟ لماذا الجهل؟
المشاركة في العرض، الذي تنظمه الديكتاتورية غير الشرعية الحاكمة، هي “خيانة” أو “جهل”. وفي برنامج سابق، قال أحد المرشحين الحرسي أحمد قاليباف، إن النظام يفتقر إلى قاعدة شعبية ويمثل حدا أقصاه 4 في المائة من سكان إيران البالغ عددهم 85 مليون نسمة.
وفي ضوء الانتفاضات الشعبية والأزمات والاضطرابات والجرائم والظروف المعيشية السيئة في إيران، اتسعت الفجوة بين الشعب والديكتاتورية في جميع المجالات، ما يحدث في الواقع هو “حكم ضعيف للغاية وهش”، يواجه “شعبا غاضبا وعنيدا، جائعا ومستعدا للتغيير في إيران”.
التحضير للغش!
وبناء على ما تم ذكره وما يعكسه من تجربة المجتمع الإيراني والتحليل الحقيقي للواقع، فإن الترويج للانتخابات يتم على يد الولي الفقيه وقادة النظام وممثلوه في المناطق والأجهزة والسلطات الثلاثة بهدف إعداد الأرضية للتزوير في العرض الانتخابي وزيادة عدد المشاركين في هذه الدراما الحكومية التي لها سجل سابق في هذا النظام!
الكلمة الأخيرة هي رأس الأفعى في طهران!
هذه الصيغة هي ترجمة لاستراتيجية المقاومة الإيرانية القائلة بأنه مادام هذا النظام قائما في السلطة، فإن الحروب وعدم الاستقرار وانعدام الأمن وسفك الدماء البريئة والنهب والإرهاب سيستمر في إيران والمنطقة والعالم. لذا، يجب ضرب رأس الأفعى على الصخرة!
إن الوقت للتصرف هو اليوم وليس غدا!
***
*کاتب ومحلل سياسي خبير في الشأن الايراني