رأس المال الاجتماعي المتداعي للنظام الإيراني
في مناظرة حديثة بثتها وسائل الإعلام الحكومية الإيرانية، قدم عالما الاجتماع الدكتور أحمد بخارايي والدكتور محسن ردادي تقييمًا صارخًا للتراجع السريع لرأس المال الاجتماعي للنظام الإيراني. وتسلط تصريحاتهم الصريحة الضوء على حالة الفوضى والمشاكل العميقة الجذور التي يعاني منها نظام الملالي.
وبحسب الدكتور بخارايي، عضو هيئة التدريس ومدير قسم علم الاجتماع في إحدى الجامعات الإيرانية، فإن “المجتمع الإيراني شبه استبدادي، وفي مثل هذا المجتمع لا يمكننا الحديث عن رأس المال الاجتماعي”. واستشهد بعدة مؤشرات، بما في ذلك انخفاض نسبة إقبال الناخبين، وتآكل الثقة في المؤسسات، وانخفاض الرضا عن الحياة، كدليل على تضاؤل رأس المال الاجتماعي في إيران.
وحدد بخارايي 25 عاملاً يساهم في هذا التراجع، بدءاً من تأثير الثقافة العالمية وتآكل القيم إلى الأنانية، وضعف النظام التعليمي، وتراجع الصحة العقلية. وشملت العوامل الأخرى فقدان الأمل في المستقبل، وعدم الرضا بين الأقليات، وزيادة الكذب والفساد، والتحولات الديموغرافية بسبب الهجرة، وانتشار المادية، وتسييس الدين، والانقسامات بين الأجيال، والبطالة، وانعدام الأمن الاقتصادي.
ورسم بخارايي صورة قاتمة لنظام يهتم بمراكمة الثروة والسلطة أكثر من تلبية احتياجات شعبه. وأضاف متأسفاً: “المسؤولون لا يعرفون ما هو الصواب وما هو الخطأ على الإطلاق. إنهم مجرد اتحاد الثروة والسلطة، ويد الثروة تخرج من كم السلطة. وراء الكواليس قصة الثروة”.
وانتقد تركيز النظام على مشاريع الصواريخ والعنف الداخلي، في حين فشل في معالجة القضايا الاجتماعية الملحة مثل قوانين الحجاب الإلزامي. وأضاف: “لقد جعلوا من الحجاب قضية أمنية”، متهماً النظام بالكذب بشأن الطبيعة الحقيقية للمشكلة.
ووصف بخارايي النظام السياسي الإيراني بأنه “ذو توجهات أيديولوجية وأمنية”، ويركز أكثر على الحفاظ على سلطته وثروته بدلاً من معالجة رأس المال الاجتماعي. وقال إن العديد من مشاكل إيران، بما في ذلك الحجاب الإلزامي، ترجع جذورها إلى هذا النظام المعيب.
ونفى إمكانية الإصلاح قائلاً: “أنتم تريدون أن تقولوا للمؤسسة الأمنية ألا تجعل من قضية المجتمع قضية أمنية؟ طبيعتها بأكملها هي جعل كل شيء مسألة أمنية”. واستشهد بحالة نيكا شكارمي، وهي امرأة شابة يُزعم أنها قتلت على يد قوات الأمن أثناء الاحتجاجات، كمثال على وحشية النظام وانعدام المساءلة.
وسلط بخارايي الضوء أيضًا على معدل الإعدام المذهل الذي ينفذه النظام، والذي ادعى أنه أعلى بعشر مرات من نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا بين الخمسينيات والتسعينيات. وأشار إلى أنه في حين أعدم نظام الفصل العنصري حوالي 2500 شخص على مدى 46 عامًا، أعدم النظام الإيراني 4000 شخص في صيف عام 1988 وحده، بمجموع 25000 عملية إعدام في السنوات الأخيرة.
ودافع عن تصرفات المتظاهرين باعتبارها “رد فعل على فعل”، معتبرًا أنه إذا هاجم النظام الناس بالبنادق، فإن لهم الحق في الدفاع عن أنفسهم. وأخيراً، أعلن بخارايي أن “عهد ولاية الفقيه قد انتهى”، مشككاً في إصرار النظام على تطبيق قوانين الحجاب الإلزامية.
ويقدم هذا النقاش لمحة نادرة عن الظروف القاسية التي يواجهها النظام الإيراني، الذي فقد رأسماله الاجتماعي ويواجه تحديات داخلية متزايدة. وكما تشير تصريحات بخارايي والردادي، فإن النظام الذي فقد ثقة ودعم شعبه محكوم عليه بالزوال والسقوط في نهاية المطاف.