الاتحاد من أجل الحرية والديمقراطية والمساواة​

التضخم في إيران: أزمة متفاقمة تهدد معيشة الفقراء والطبقة الوسطى 

انضموا إلى الحركة العالمية

التضخم في إيران: أزمة متفاقمة تهدد معيشة الفقراء والطبقة الوسطى 

التضخم في إيران: أزمة متفاقمة تهدد معيشة الفقراء والطبقة الوسطى 

التضخم في إيران: أزمة متفاقمة تهدد معيشة الفقراء والطبقة الوسطى 

لطالما كان التضخم مشكلة هيكلية وأساسية في الاقتصاد الإيراني تحت حكم الملالي، إلا أن معدلات التضخم في أسعار المواد الغذائية قد تجاوزت بشكل خطير معدلات التضخم العام، مما زاد من الضغوط على الفقراء والطبقة الوسطى. 

ووفقًا للإحصائيات الرسمية الصادرة عن مركز الإحصاء الإيراني، بلغ معدل التضخم النقطي في يناير 2025 نحو 31.8%

لكن الأخطر من هذا الرقم هو التأثير المباشر لهذه الزيادات على الأسر محدودة الدخل وعلى البنية الاقتصادية للبلاد. فقد أدى الارتفاع الحاد في أسعار السلع الأساسية إلى تعميق الفجوة الطبقية، ووضع إيران، تحت حكم الملالي، على حافة أزمة جوع غير مسبوقة

تضخم الغذاء يتجاوز التضخم العام 

تكشف بيانات مركز الإحصاء الإيراني أن معدل التضخم الشهري للمواد الغذائية في يناير قد ارتفع بوتيرة أسرع من معدل التضخم العام، مما يعكس حجم الضغوط المتزايدة على معيشة المواطنين. ففي حين أن التضخم العام يسير في منحى تصاعدي، فإن تسارع وتيرة ارتفاع أسعار الغذاء يؤدي إلى تآكل القدرة الشرائية للطبقات الفقيرة بشكل أكثر حدة. 

وبالنظر إلى أن نسبة الإنفاق على الغذاء لدى الأسر منخفضة الدخل أكبر بكثير مما هي عليه لدى الأسر ذات الدخل المرتفع، فإن الارتفاع المتزايد في أسعار المواد الغذائية يشكل تهديدًا مباشرًا لهذه الفئات ويزيد من احتمالات تفجر أزمة غذائية واسعة. 

الفجوة التضخمية بين المدن والقرى 

تشير المقارنات بين التضخم في المناطق الحضرية والريفية إلى أن معدل التضخم السنوي في المدن بلغ 32.4%، بينما سجل في القرى 29.5%. ورغم أن هذه الأرقام توحي بأن الضغوط التضخمية أكبر في المدن، إلا أن الواقع يكشف أن سكان الريف يواجهون صعوبات أكبر في الحصول على الغذاء بسبب تدني الدخل وانعدام الدعم الحكومي. 

كما أن ارتفاع تكاليف النقل، ونقص السلع الأساسية في المناطق النائية، وتراجع القدرة الشرائية للمزارعين، جعلت الأوضاع المعيشية في القرى أكثر كارثية

الارتفاع الجنوني لأسعار المواد الغذائية 

إحدى العلامات البارزة للأزمة الاقتصادية في إيران هي القفزات غير المسبوقة في أسعار المواد الغذائية. ووفقًا للتقارير الرسمية، شهد 25% من السلع الغذائية في يناير 2025 ارتفاعًا بأكثر من 50% مقارنة بالعام الماضي، مما جعل من الصعب على غالبية الإيرانيين تأمين احتياجاتهم الأساسية. 

على سبيل المثال، ارتفع سعر البطاطس بنسبة 103% مقارنة بالعام الماضي، في حين شهدت مواد أساسية أخرى مثل الأرز واللحوم ومنتجات الألبان والزيوت ارتفاعات هائلة، ما فاقم من معاناة المواطنين. 

الأزمة المزدوجة: تضخم الغذاء وشح النقد الأجنبي 

أحد الأسباب الرئيسية للارتفاع الحاد في أسعار المواد الغذائية هو أزمة النقد الأجنبي، حيث تعاني إيران من نقص شديد في موارد العملة الصعبة، في وقت يتم فيه توجيه جزء كبير من الميزانية نحو تمويل الأجهزة القمعية، وصناعة أسلحة الدمار الشامل، وتمويل الإرهاب، بدلاً من تخصيصها لاستيراد السلع الأساسية. 

وعلاوة على ذلك، فإن قرار النظام بتخفيض سعر الصرف التفضيلي المخصص لاستيراد المواد الأساسية، مع توقعات بارتفاع سعر الدولار الحكومي خلال العام المقبل، يزيد المخاوف من ارتفاع كارثي آخر في الأسعار، ما سيجعل الحياة أكثر قسوة على الطبقات الفقيرة. 

فشل السياسات الداعمة وتصاعد الأزمة المعيشية 

في محاولة للحد من أزمة تضخم الغذاء، طرح النظام مشروع “الكوبونات الإلكترونية” كإجراء دعم، لكن مراجعة ميزانية 2025 تكشف أن الموارد المالية المخصصة لهذا المشروع قد تم تقليصها بشكل كبير

ففي عام 2023، تم تخصيص 420 تريليون ريال لهذا المشروع، بينما تم تخفيضه في ميزانية 2025 إلى 150 تريليون ريال فقط، كما تم تقليص عدد المستفيدين من 60 مليون شخص إلى 30 مليونًا، مما يعني أن نطاق التغطية قد انخفض للنصف. 

وفي تقرير لمركز أبحاث مجلس النظام، كشف أن متوسط استهلاك الفرد من السعرات الحرارية في إيران انخفض إلى أقل من 2100 سعرة يوميًا خلال عامي 2022 و2023، وهو مستوى يُعد معيارًا عالميًا لتحديد الفقر المطلق. وهذا يعني أن جزءًا كبيرًا من الشعب الإيراني غير قادر على تأمين الحد الأدنى من الغذاء المطلوب

الكارثة المعيشية للعمال 

يأتي الإعلان عن التضخم في يناير 2025 في وقت تجري فيه مفاوضات لتحديد الحد الأدنى للأجور للعمال، حيث تشير التقديرات إلى أن الحد الأدنى لتكاليف معيشة أسرة عاملة يبلغ 299.4 مليون ريال، بينما الحد الأدنى الحالي للأجور لا يتجاوز 111.07 مليون ريال، مما يعني أن الحد الأدنى للأجور يغطي فقط 37% من احتياجات العمال الأساسية

الاقتصاد الإيراني ينهار نحو الهاوية 

إن التضخم الجامح، وفشل السياسات الاقتصادية، والتراجع الحاد في القدرة الشرائية، دفعت الاقتصاد الإيراني نحو مرحلة انهيار غير مسبوقة. فمع تراجع استهلاك الغذاء، وزيادة معدلات الفقر المطلق، وفشل برامج الدعم، بات واضحًا أن الاقتصاد الإيراني بات في حالة سقوط حر

أما الاحتجاجات اليومية التي يقودها الفقراء، والمتقاعدون، والعمال، فتؤكد أن الشعب الإيراني لن يقبل بهذه الأوضاع الكارثية، وأن انفجارًا اجتماعيًا واسع النطاق يلوح في الأفق، ليطيح بمن هم مسؤولون عن تدمير إيران وشعبها

Verified by MonsterInsights