الاتحاد من أجل الحرية والديمقراطية والمساواة​

الفيضانات في إيران: كارثة طبيعية أم جريمة مكرّرة؟

انضموا إلى الحركة العالمية

الفيضانات في إيران: كارثة طبيعية أم جريمة مكرّرة؟

الفيضانات في إيران: كارثة طبيعية أم جريمة مكرّرة؟

الفيضانات في إيران: كارثة طبيعية أم جريمة مكرّرة؟ 

مع بداية العام الإيراني الجديد، غمرت السيول عددًا كبيرًا من المحافظات الإيرانية، من بينها أصفهان، إيلام، بوشهر، لرستان، خوزستان، فارس، كيلان، قزوين وغيرها، مخلّفةً أضرارًا واسعة النطاق، شملت غمر القرى، انقطاع مياه الشرب، وانهيار الطرق والمرافق الحيوية. إلى جانب السيول، شهدت البلاد أيضًا انهيارات أرضية خطيرة، مما ضاعف من معاناة السكان المحليين. 

في الظروف الطبيعية، يُمكن التنبؤ بالسيول من خلال المعطيات المناخية والهيدرولوجية، لا سيّما في فصل الربيع حيث يذوب الثلج وتتساقط الأمطار بكثافة. لكن في إيران، تحوّلت هذه الظواهر الموسمية إلى كوارث وطنية متكرّرة بسبب غياب التخطيط، الفساد المؤسسي، وتجاهل الأنظمة التحذيرية. 

خلال الأيام الماضية، فاضت أنهار عدّة من بينها «بلاسجان» في أصفهان، و«هليلان» في إيلام، و«بلرود» في كيلان، مما أدّى إلى عزل قرى بأكملها وتوقّف خطوط المياه. وبحسب تصريحات رسمية، فإن أكثر من ٦٥٠ مدينة و٨٥٠٠ قرية في البلاد تواجه خطر السيول

رغم هذه المعطيات، لم تُتخذ الإجراءات الوقائية الكفيلة بالتقليل من حجم الكارثة. بل على العكس، تسببت سياسات التوسع العشوائي لحرس النظام الإيراني، لا سيما بناء الطرق والمجمّعات في مجاري السيول، بتضخيم الكارثة. ففي محافظة كيلان وحدها، أُغلقت 200 طريق قروي في يوم واحد فقط نتيجة الانهيارات الأرضية. 

الفضيحة بلغت حدًا جعل حتى وسائل الإعلام التابعة للنظام تحاول تبرئة الحرس من مسؤوليته المباشرة. فقد نشرت وكالة أنباء تابعة لقوة القدس، في 24 مارس 2025، تقريرًا تحاشى تمامًا ذكر مسؤولية الأجهزة الأمنية في ما سمّته «مجزرة طبيعية». لكن، كما أُشير سابقًا في تقارير سابقة، فإن كارثة فيضانات شيراز عام 2019، التي خلّفت عشرات الضحايا بسبب البناء في مجرى السيول، ما زالت عالقة في الأذهان كمثال حيّ على الجريمة المتعمّدة. 

من الواضح أن النظام، بدلًا من توجيه الاستثمارات نحو مشاريع الحماية من السيول، يفضّل إنفاق الموارد الوطنية على قمع الشعب وتمويل الحروب الخارجية. إن إهمال البنية التحتية وتدمير البيئة الطبيعية، مثل الغابات والمراعي، لم يكن مجرد تقصير إداري، بل سياسة ممنهجة للتربّح ونهب الأراضي

في حين تصرّ وسائل إعلام النظام على تصوير الكارثة على أنها قدر لا مفرّ منه، تُجمع الدراسات البيئية الحديثة على أن تأثير السيول يمكن الحدّ منه عبر خطوات عملية مثل تحسين نظام تصريف المياه، حماية الغطاء النباتي، وتفعيل أنظمة الإنذار المبكر. 

في النهاية، ليست الطبيعة وحدها مسؤولة عن هذا الدمار، بل عقود من سوء الإدارة، وتسلّط حرس النظام، وفساد مؤسّسات الدولة هي التي جعلت من كل مطرٍ غزير كارثة تهدد حياة مئات الآلاف. السيول قد تكون طبيعية، لكن الخراب من صُنع النظام. 

Verified by MonsterInsights