الثورة التي لا تعود إلى الوراء…
“سيزدهبهدر” يتحول إلى يوم النهوض في إيران
في بلادٍ يعلو فيها صوت المقصلة على صوت الحياة، ويُفرض الصمت بقوة الحبل والمشنقة، هناك من يقول لا. هناك من يكتب شعاره بالنار على جدران الطغاة. وهناك من حول يومًا من تقاليد الطبيعة إلى ملحمة سياسية تهزّ عرش الاستبداد.
في الثاني من أبريل/نيسان 2025، الذي يصادف “سيزدهبهدر” الإيراني، لم تخرج وحدات الانتفاضة إلى الطبيعة كما يفعل الناس لدرء سوء الطالع، بل خرجت إلى ساحات الثورة لطرد سوء الطالع الحقيقي: نظام الشاه ونظام الملالي معًا.
من مشهد وشيراز إلى زاهدان وتبريز، ومن قم إلى أصفهان، عشرات المدن كانت مسرحًا لنشاطات ثورية متزامنة، تحت شعارات منها:
«الموت للظالم، سواء الشاه أو خامنئي» و«في سيزدهبهدر، أيها الديكتاتور ارحل».
وقد جرت هذه الأنشطة في مواقع ثقافية وتاريخية مثل طوس، حافظية، برسيبوليس، وفي مدن مشهد، شيراز، أردبيل، إيذه، تبريز، زاهدان، أصفهان، همدان، كرمانشاه، كرج، نوشهر، خرمآباد، نهاوند، رشت، سنندج، أراك، بابلسر، شهرکرد، دورود، وقم، حيث أعلن الثائرون طرد نحس الشاه والملالي من أرض إيران.
189 نشاطًا في ثلاث حملات وطنية
في إطار الحملات الوطنية الثالثة والسادسة والعاشرة بمناسبة “سيزدهبهدر”، نفذت وحدات الانتفاضة التابعة لـمنظمة مجاهدي خلق 189 نشاطًا ثوريًا، لاستقبال “نوروز سياسي واجتماعي لإيران”.
في الحملة العاشرة وحدها، جرت 74 عملية نضالية في 17 مدينة، حاملةً رسالة الثورة الديمقراطية للشعب الإيراني في ما وصفوه بـ”مرحلة الحسم وتقرير المصير”.
من “الطبيعة” إلى “الرسالة”… عندما يصبح اليوم رمزًا
في الثقافة الإيرانية، “سيزدهبهدر” هو اليوم الثالث عشر من عيد النوروز، حيث يخرج الناس إلى الهواء الطلق للتخلص من الطاقة السلبية و”نحس العام الجديد”. لكن الثائرين اختاروا تطهيرًا من نوع آخر: تطهير سياسي من القمع والكهنوت والاستبداد.
لقد جاءت رسالتهم واضحة:
«الوقت قد حان لتنظيف شامل في إيران»
«النوروز السياسي والاجتماعي سيطيح بشتاء ولاية الفقيه»
«عام 2025 سيكون عام الثورة والانتصار»
«المرأة، المقاومة، الحرية»
«المرأة، المقاومة، الحرية»… من القمع إلى الريادة
لم يكن هذا الشعار مجرّد كلمات ترفعها حناجر الثائرات، بل هو خلاصة تجربة شعب بأكمله. في إيران، حيث سعى النظام الإيراني إلى إذلال المرأة وتهميشها وسلب كرامتها باسم الدين والوصاية الذكورية، تحوّلت النساء إلى طليعة النضال ومشاعل الانتفاضات.
وكلّما اشتدّ القمع، ازدادت النساء جرأةً وصمودًا، وأصبحن الرمز الحي للتمرّد والثورة.
من طالبات الجامعات إلى أمهات الشهداء، من العاملات إلى السجينات، لعبت المرأة الإيرانية دورًا رياديًا في كلّ انتفاضة، من احتجاجات 2009 حتى تظاهرات 2022 و2023، حيث كانت كلّ طلقة قمع تولد امرأة أكثر وعيًا وأكثر ثورة.
كاوه الجديدة… قائدة بثوب امرأة
“كاوه المستقبل في إيران امرأة” – في استدعاء رمزي لـ”كاوه الحداد”، بطل الأسطورة الفارسية، كناية عن أن من سيقود إيران المستقبل قد تكون امرأة، ثائرة، مقاتلة من أجل الحرية. وتجلّى هذا الرمز اليوم في شخصية مريم رجوي، رئيسة جمهورية المقاومة الإيرانية، التي تمثّل الصوت الأبرز لبديل ديمقراطي ومتحرر عن نظامي الشاه والملالي، وتحمل راية الحرية والمساواة في مواجهة قرن من الظلم والرجعية.
الرسالة: إيران على مشارف ربيع سياسي
في الشوارع، وعلى الجدران، وفي صدى الشعارات، تتردّد كلمات لم يعد ممكناً تجاهلها:
“عام 2025 هو عام الانفجار. عام الثورة. عام النهوض.”
وهكذا، في زمن يحاول فيه الطغيان إعادة تدوير الرعب، تكتب وحدات الانتفاضة مع كل عملية ثورية، مقطعًا جديدًا من النشيد الوطني القادم لإيران الحرّة.