الاتحاد من أجل الحرية والديمقراطية والمساواة​

إمبراطورية خامنئي للفقر: كيف تغذي الفساد والقمع بؤس إيران الاقتصادي 

انضموا إلى الحركة العالمية

إمبراطورية خامنئي للفقر: كيف تغذي الفساد والقمع بؤس إيران الاقتصادي 

إمبراطورية خامنئي للفقر: كيف تغذي الفساد والقمع بؤس إيران الاقتصادي 

إمبراطورية خامنئي للفقر: كيف تغذي الفساد والقمع بؤس إيران الاقتصادي 

في 24 مارس، نقل موقع “خبر أونلاين” الحكومي عن محمد صدر، عضو “مجمع تشخيص مصلحة النظام”، قوله: “جميع الخبراء، دون استثناء، يرون أن المشاكل الاقتصادية تدمر البلاد. 30 مليون شخص يعيشون تحت خط الفقر، وعلينا أن ندرك أن الحل لا يكمن فقط في الاقتصاد، بل يجب أن تُعالج هذه الأزمة أيضًا من منظور السياسة الخارجية”. 

واحدة من أبرز أسباب انحدار 30 مليون إيراني إلى ما دون خط الفقر، هي التضخم الجامح الذي أصاب الاقتصاد الإيراني بالشلل لعقود. فمنذ أواخر سبعينيات القرن الماضي، يشهد الريال الإيراني تراجعًا مستمرًا في قيمته، مع معدلات تضخم سنوية تتراوح بين خانتين وحتى ثلاث خانات. وقد تفاقم هذا الوضع في السنوات الأخيرة نتيجة انخفاض قيمة العملة وارتفاع تكاليف الإنتاج، مما قلّص بشكل حاد من القوة الشرائية للأسر. فعلى سبيل المثال، يُقدّر خط الفقر في عام 2025 لعائلة مكوّنة من أربعة أفراد بأكثر من 250 مليون ريال شهريًا، في حين لا يتجاوز الحد الأدنى الرسمي للأجور ثلث هذا المبلغ. هذا الفارق المتزايد بين الدخل وتكاليف المعيشة—خصوصًا في تأمين الضروريات مثل الغذاء والسكن والرعاية الصحية—دفع بملايين الإيرانيين نحو الفقر المدقع. 

ويُهدر جزء كبير من عائدات النفط وغيرها من الموارد الوطنية على الأنشطة العسكرية أو الشبكات المنظمة للفساد. هذا التخصيص غير العادل للموارد، الذي غالبًا ما يتم من خلال مؤسسات غامضة وخارج الأطر القانونية، أدى إلى انخفاض الاستثمارات في القطاعات الإنتاجية، وزيادة معدلات البطالة، وتعزيز الفقر بشكل واسع النطاق. 

الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية لأزمة الفقر 

إن فقر 30 مليون إيراني ليس مجرد رقم إحصائي، بل هو مؤشر على انهيار تدريجي للبنية الاقتصادية والاجتماعية في البلاد. فخط الفقر، الذي تشير التقديرات غير الرسمية إلى أنه يتجاوز 250 مليون ريال شهريًا في عام 2025، يعكس عدم قدرة الأسر على تأمين الحاجات الأساسية مثل الغذاء والسكن والعلاج. وقد فاقم التضخم المستمر من هذا الوضع، ما أدى إلى تآكل قيمة العملة الوطنية وتراجع القدرة الشرائية بشكل حاد. اجتماعيًا، أدى هذا المستوى من الفقر إلى تفاقم الفوارق الطبقية، وانتشار الأحياء العشوائية، وتزايد الظواهر الاجتماعية الخطيرة كالإدمان والجريمة وتفكك الأسر. 

لكن هذه الأزمة لم تكن وليدة الصدفة أو نتيجة عوامل خارجية، بل هي متجذرة في البنية السياسية والاقتصادية لنظام الملالي، الذي وجّه موارد الأمة بشكل ممنهج نحو دائرة ضيقة من أصحاب النفوذ. 

فالنظام الإيراني، الذي يمنح الولي الفقیة بموجب المادة 110 من الدستور صلاحيات مطلقة في جميع الشؤون السياسية والاقتصادية والعسكرية، جعل الثروة والسلطة حكرًا على نخبة صغيرة بدلًا من تحقيق العدالة الاجتماعية. هذه البنية خلقت نظامًا طبقيًا تُتخذ فيه القرارات الكبرى ليس لصالح الشعب، بل لضمان بقاء النظام وتأمين مصالح الدائرة المقربة من خامنئي. أما السياسات الاقتصادية للنظام—مثل توزيع الموارد الغامض، والدعم غير المجدي، وإهمال تطوير البنية التحتية—فقد صُممت بطريقة تُبقي غالبية السكان في ضائقة مالية، بينما تُوجه الثروات الهائلة نحو المؤسسات الخاضعة لسيطرة خامنئي. 

مكتب خامنئي: قلب الأزمة الاقتصادية 

يلعب مكتب خامنئي، الذي يُعدّ المحور المركزي للسلطة، دورًا محوريًا في هذه الأزمة. فهو يعمل خارج أي رقابة قانونية أو محاسبة شعبية، ويسيطر على تكتلات اقتصادية ضخمة مثل “هيئة التنفيذ أمر خميني الملعون”، و”آستان قدس الرضوي”، و”مؤسسة المستضعفين”، مما يجعله يتحكم بجزء كبير من ثروات البلاد. 

وهذا التراكم للثروة، في تناقض صارخ مع حياة ملايين الإيرانيين المعدمين، يعكس حجم الفساد في أعلى هرم السلطة. فمكتب خامنئي لا يستخدم هذه الثروة فقط لتثبيت سلطته، بل وسّع عمليات النهب الممنهج عبر شبكة من الموالين وأبناء المسؤولين المعروفين باسم “أغازاده”، وهم رمز فجّ للفساد والمحسوبية. 

إمبراطورية حرس النظام الإيراني الاقتصادية 

يلعب حرس النظام الإيراني دورًا حاسمًا في تعميق الفقر في البلاد، باعتباره الذراع العسكري والاقتصادي للنظام. فقد تحوّل بمرور الزمن إلى إمبراطورية اقتصادية تسيطر على قطاعات استراتيجية مثل النفط والغاز والاتصالات والبناء. وتشير التقديرات غير الرسمية إلى أن الحرس يهيمن بشكل مباشر أو غير مباشر على أكثر من 60% من الاقتصاد الإيراني. وتُمنح هذه السيطرة من خلال عقود دون مناقصات ومشاريع ضخمة، تتيح لقادة الحرس الاستيلاء على الموارد العامة لخدمة مصالحهم. وفي المقابل، يعاني ملايين الإيرانيين من أجل تأمين لقمة العيش. 

حياة البذخ لأبناء النخبة الإيرانية 

يشكّل أبناء وأقارب كبار المسؤولين، أو ما يُعرف بـ”أغازاده”، تجسيدًا صارخًا للفساد واللامساواة. فبفضل الامتيازات السياسية والاقتصادية المرتبطة بأسرهم، يمارسون عمليات اختلاس ضخمة، ويعيشون أنماط حياة مترفة تزيد من تعميق الفجوة الاجتماعية. من الاتجار غير القانوني بالعملة وتهريب السلع، إلى الاستيلاء على الممتلكات العامة والاستثمار في الخارج، تسببت أنشطتهم في إضعاف الاقتصاد الإيراني وإثارة سخط شعبي واسع. ففي حين يكافح 30 مليون إيراني تحت خط الفقر، يتباهى أبناء النخبة بثرواتهم عبر مواقع التواصل أو يعيشون في رفاهية في الدول الغربية، في مشهد يعكس بوضوح التفاوت الطبقي الهائل. 

إن فقر 30 مليون إيراني ليس مجرد أزمة معيشية، بل هو دليل على الانهيار الأخلاقي والاجتماعي لنظام يدّعي الدفاع عن المستضعفين. هذا الواقع—الذي يُحرم فيه أكثر من ثلث السكان من الحاجات الأساسية—هو نتيجة مباشرة لسياسات قامت على نهب الموارد الوطنية لصالح مكتب خامنئي، وحرس النظام، وأبناء الطبقة الحاكمة، مما دفع بالمجتمع نحو الفقر والبؤس، وعمّق الانقسام بين قلة مرفهة وغالبية محرومة. 

Verified by MonsterInsights