الاتحاد من أجل الحرية والديمقراطية والمساواة​

إيران: أزمة المياه ــ‌ شحٌّ طبيعي أم فشلٌ بنيوي؟

انضموا إلى الحركة العالمية

إيران: أزمة المياه ــ‌ شحٌّ طبيعي أم فشلٌ بنيوي؟

إيران: أزمة المياه ــ‌ شحٌّ طبيعي أم فشلٌ بنيوي؟

إيران: أزمة المياه ــ‌ شحٌّ طبيعي أم فشلٌ بنيوي؟

فساد هيكلي، مشاريع عبثية، وأولوية للربح على حساب الإنسان

لم تعد أزمة المياه في إيران مجرّد مسألة مناخية أو نقص في الأمطار، بل تحوّلت إلى مرآة تعكس عمق الفشل الهيكلي في إدارة الموارد الحيوية، وسط تغوّل الفساد، وتغليب مصالح الشركات المرتبطة بالحكم على حياة الناس.

من التصحر إلى العطش… مراحل الانهيار الصامت

شهدت إيران خلال القرن الماضي نموًّا سكانيًا هائلًا، تضاعف فيه عدد السكان نحو تسع مرات، من دون أن يواكبه تطوير عقلاني للبنية التحتية المائية. رافق هذا النمو توسّع عشوائي في الزراعة والصناعة على حساب مصادر المياه الجوفية والسطحية، ما أدى إلى استنزاف الأحواض المائية، وتجفيف الأنهار، وتدهور الأراضي الزراعية.

لكن التحول الأخطر اليوم هو انتقال الأزمة من القطاعات الإنتاجية إلى مياه الشرب، حيث حذر مدير شركة المياه والصرف الصحي في طهران، محسن أردكاني، من أن “جميع الاحتياطيات ستنفد خلال شهرين أو ثلاثة”، في دلالة صريحة على الاقتراب من حافة الانفجار الاجتماعي.

منطق الربح بدل العدالة المائية

سياسات النظام الإيراني طيلة السنوات الماضية اعتمدت على نقل المياه بين الأقاليم، وحفر الآبار العميقة، وبناء السدود العملاقة، وكلها حلول مكلفة ماليًا وبيئيًا، أثبتت فشلها في معالجة الجذور الحقيقية للمشكلة. ففي حين تُحرم مناطق مثل “غيزانية” في خوزستان من حقّها التاريخي في المياه،ويتمّ إنشاء مصانع للصلب في نيشابور ومجمعات مائية ضخمة في مشهد، رغم ندرة المياه هناك.

هذه الأولويات المعكوسة تعكس بوضوح غياب أي تخطيط عقلاني. فبينما يُروّج النظام لخطط نقل المياه من بحر عمان إلى مشهد بكلفة تتجاوز 6 مليارات دولار، يضطر أطفال بلوش في چابهار إلى الشرب من “هوتك”، حيث تهددهم التماسيح بسبب الجفاف والإهمال.

أزمة هيكلية قبل أن تكون مناخية

ما يثبت الطابع البنيوي للأزمة هو أن مدنًا مثل الأهواز تعاني من الجفاف في فصول ممطرة، بينما يزد، التي تقع في قلب الصحراء، حافظت لقرون على شبكات “قنوات” مائية فعالة قبل أن تنهار بفعل السياسات الحديثة.

الحكومة تكتفي بإصدار تقارير حول نسبة الأمطار ومستوى السدود، لكنها تتجاهل أصل المشكلة المتمثّل في سوء الإدارة، وغياب التخطيط، وتفشي الفساد المؤسسي. الإعلام التابع لوزارة الطاقة يُروّج للأرقام بدل السياسات، ويُخفي الدور الكارثي الذي لعبته قرارات الحكومة في تفاقم الأزمة.

أزمة بلا إرادة سياسية… فقط تسويق للأزمة

النظام الإيراني لا يسعى إلى حلّ جذري لأزمة المياه، بل يستخدمها كأداة لتمرير موازنات ضخمة لمصلحة شركات استشارية ومقاولاتية تابعة للسلطة، دون أي إجراءات فعالة. فكلما اشتدّت الأزمة، ارتفعت عقود نقل المياه، وبناء السدود، والاستشارات الورقية، بينما يستمر حرمان المواطنين من حقّهم الأساسي في الماء.

النتيجة هي أن أزمة المياه لم تُحل، بل أُجّلت مرارًا أو نُقلت من منطقة إلى أخرى، لتبقى قنبلة موقوتة تهدد مستقبل الأمن البشري والبيئي في إيران.

Verified by MonsterInsights