مريم رجوي رئيسة لمرحلة ما بعد الملالي؟
في مقال تحليلي نشره موقع “وكالة أخبار العرب“، يتناول الدكتور راهب صالح، الحقوقي والناشط في الشأن الإيراني، التحولات الأخيرة في المشهد السياسي المتعلق بإيران، معتبراً أن الدعم الدولي المتزايد للمعارضة الإيرانية يطرح بجدية السيدة مريم رجوي كشخصية محورية لقيادة المرحلة الانتقالية بعد سقوط نظام الملالي. ويرى الكاتب أن ما جرى في مؤتمر “إيران الحرة” الأخير في باريس، حيث قُدمت بيانات دعم رسمية من أغلبيات برلمانية في عدد من الدول الديمقراطية إلى السيدة رجوي، لم يكن مجرد حدث رمزي، بل تعبير سياسي رفيع المستوى عن إعادة تشكيل المشهد الإيراني واعتراف دولي بوجود بديل سياسي جاهز للمستقبل.
ويوضح الدكتور صالح أن هذا الدعم البرلماني الواسع، الذي جاء من دول مثل ألمانيا وإيطاليا وهولندا والنرويج وبريطانيا ومولدوفا، يتجاوز كونه مجاملات دبلوماسية، ليمثل تحولاً في مفهوم “الشرعية السياسية” المعترف بها دولياً. فهذه البيانات، بقدر ما تمنح الشرعية للمعارضة، فإنها تسحبها بشكل غير مباشر من النظام الحاكم في طهران، الذي يُنظر إليه على نطاق واسع باعتباره فاقداً للمشروعية على الصعيدين الشعبي والدولي. ويشير الكاتب إلى أن قوة السيدة مريم رجوي لا تكمن فقط في كونها على رأس هرم المعارضة، بل في حملها لمشروع سياسي متماسك من عشر نقاط، يلتف حوله طيف واسع من السياسيين والمثقفين والنشطاء. ويقوم هذا المشروع على بناء دولة مدنية تعددية، تفصل الدين عن الدولة، وتحترم حقوق المرأة والأقليات، وتضمن الحريات الأساسية، بعيداً عن منطق الانتقام أو الإقصاء.
ويضيف الكاتب أن الأهم من ذلك هو أن هذا المشروع لا يبقى مجرد رؤية نظرية، بل يُترجم إلى فعل منظم على الأرض من خلال “المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية” و”وحدات الانتفاضة” داخل إيران. هذا التوازن الفريد بين الرؤية السياسية في الخارج والتنظيم الفاعل في الداخل هو ما يمنح هذا البديل زخماً وقوة تفتقر إليها معظم حركات المعارضة الأخرى. كما يرى الدكتور صالح أن هذا الدعم البرلماني لا ينفصل عن التحولات في الموقف الدولي تجاه طهران، حيث يمثل تحدياً لـ”سياسة الاسترضاء” التقليدية التي منحت النظام الإيراني غطاءً لممارسة القمع وتصدير الفوضى. إن مواقف هؤلاء البرلمانيين تمثل قوى سياسية شرعية داخل الأنظمة الديمقراطية، مما قد ينعكس على السياسات الخارجية مستقبلاً.
ويخلص الدكتور راهب صالح في مقاله إلى أن السؤال الذي كان يُعتبر خيالاً قبل سنوات، وهو “من سيقود إيران بعد سقوط نظام الملالي؟”، بات اليوم يُناقش بجدية على المنصات الدولية. ويُعد اسم السيدة مريم رجوي هو الأكثر تكراراً في هذا السياق، ليس فقط لرمزيتها، بل لأن مشروعها يتمتع بقبول دولي وبُعد ديمقراطي قابل للتطبيق. ويختتم الكاتب بالقول إن ما حدث في باريس ليس تتويجاً لحركة، بل هو إشارة البدء لمرحلة سياسية جديدة، تُطرح فيها مريم رجوي بجدية كـ”رئيسة للمرحلة الانتقالية”، ويُطرح معها احتمال أن تشهد إيران ولادة نظام ديمقراطي طال انتظاره.