“إفلاس شامل”: صحف إيرانية حكومية تكسر حاجز الصمت وتكشف عن الانهيار الاقتصادي والمجتمعي
طهران – متابعات إعلامية: في تحول لافت يعكس عمق الأزمة الاقتصادية والسياسية التي تضرب إيران، كسرت الصحف الحكومية والرسمية الإيرانية حاجز الصمت يوم السبت، 18 أكتوبر 2025، ونشرت تقارير تفصيلية تكشف عن حجم المأزق الذي يواجهه النظام. وتناولت التغطية الإعلامية بجرأة غير مسبوقة تدهور الأوضاع المعيشية، وتفاقم الفقر، وصولًا إلى توجيه انتقادات حادة لهيكل السلطة وفشل السياسات الخارجية.
ويُظهر هذا التناقض بين خطاب النظام الرسمي الذي يركز على مقاومة الغرب، والاعترافات الداخلية التي تنشرها وسائله الإعلامية، أن النظام بات يواجه “إفلاسًا اقتصاديًا واجتماعيًا شاملًا“ لم يعد بالإمكان إخفاؤه.
الفقر يضرب المعيشة: لحم الغنم بمليون تومان وسوء تغذية للأطفال
شكلت الأوضاع المعيشية للمواطنين المحور الأبرز في التغطية، حيث رسمت الصحف صورة قاتمة للواقع الاقتصادي:
- تسونامي الغلاء: أشارت التقارير إلى ارتفاع جنوني في الأسعار، لدرجة وصول سعر كيلوغرام لحم الغنم إلى مليون تومان، مما يضع هذه السلعة خارج متناول الطبقات الفقيرة وحتى المتوسطة.
- انتشار الفقر الغذائي: نشرت صحف مثل “اعتماد” تقارير مفزعة تعترف بوجود “الفقر الغذائي وسوء التغذية بين الأطفال“ في المناطق المحرومة. ونقلت تقارير عن خبراء إشارة إلى أن “60٪ من الأسر الحضرية و80% من الأسر الريفية في سيستان وبلوشستان تعيش تحت خط الفقر“.
- تداعيات اجتماعية: أشارت صحيفة “بهار نيوز” إلى أن انهيار اقتصاد الأسرة يدفع الأطفال للعمل، وصولاً إلى ظواهر مأساوية مثل “بيع الأطفال“ في المناطق الأكثر حرمانًا. كما حذرت صحيفة “هم ميهن” من “تآكل الرغبة في المستقبل بين الشباب الإيراني“ وصعوبة تأمين السكن والزواج، محذرة من “خطر انطفاء الحضارة” الإيرانية.
انتقادات حادة لفشل السياسات الحكومية وعزلة إيران الخارجية
لم تسلم السياسات العليا للنظام من النقد اللاذع، سواء على الصعيد الداخلي أو الخارجي:
- فوضى الفريق الاقتصادي: أشارت صحف إلى وجود “أزمة في التنسيق بين الفريق الاقتصادي للحكومة“ واحتدام الخلافات، مع تكهنات باحتمال إقالة رئيس البنك المركزي، ما يؤكد حالة التخبط الإداري.
- خطر الاضطرابات الاجتماعية: حذرت صحيفة “بهار نيوز” من أن أي قرار بزيادة أسعار البنزين قد يؤدي إلى “اضطرابات اجتماعية مماثلة لتلك التي حدثت في نوفمبر 2019“.
- التبعية لروسيا: وجهت صحيفة “ستاره صبح” اتهامًا مباشرًا للسياسة الخارجية بأنها “ضحية سوء الفهم والتبعية لروسيا“، محذرة من أن الرئيس الروسي يستخدم إيران “كورقة مساومة مع الغرب“. وأكد هذا ما نقلته صحيفة “خبر أونلاين” عن وزير الخارجية السابق جواد ظريف بأن روسيا “عرقلت المفاوضات النووية“ لمنع إيران من بناء علاقات طبيعية مع العالم.
قطاعات حيوية على حافة الانهيار
كما كشفت الصحف عن تدهور خطير في البنى التحتية والخدمات الأساسية:
- أزمة الرعاية الصحية: أفادت صحيفة “هم ميهن” بـ “التخلي عن المرضى في المستشفيات“ بسبب ارتفاع تكاليف العلاج ونقص الكوادر التمريضية التي تفضل البطالة على العمل برواتب ضعيفة، مشيرة إلى أن عشرات الآلاف من الممرضات عاطلات عن العمل.
- نقص المياه المطلق: دق باحثون، وفقًا لصحيفة “بهار نيوز“، ناقوس الخطر بشأن “نقص المياه المطلق“، مع تحذيرات من انخفاض نصيب الفرد إلى مستويات حرجة قد تهدد الأمن المائي.
إن هذه التقارير، القادمة من قلب الأروقة الإعلامية للنظام، ترسخ قناعة بأن الأزمة في إيران تجاوزت كونها اقتصادية عادية، لتصبح دليلاً على تآكل شامل لبنية المجتمع والدولة، مما يضع النظام في مأزق لم يعد بالإمكان تبريره أو إخفاؤه.


