قادة النظام الإيراني يعربون عن قلقهم العميق بشأن الأزمة الاقتصادية والسياسية
يوم الاثنين، 3 فبراير، عقد قادة السلطات الثلاث في إيران اجتماعهم الأسبوعي المعتاد. إلا أن هذه الجلسة تميّزت عن سابقاتها، ليس فقط بسبب حضور مسؤولين رفيعي المستوى من الحكومة والسلطة القضائية والبرلمان إلى جانب رئيس النظام مسعود بزشكيان، ورئيس السلطة القضائية غلام حسين محسني إيجه إي، ورئيس مجلس الشورى محمد باقر قاليباف، بل أيضًا بسبب اللهجة المتوترة التي استخدمها جميعهم في الإقرار بالأزمات المتفاقمة التي تهدد استقرار النظام.
وفي كلمته خلال الاجتماع، أعرب بزشكيان عن قلقه من تصاعد الغضب الشعبي في إيران، محذرًا من عواقب الاحتجاجات. وقال: “يستمرون في القول إن إيران ضعفت ووصلت إلى أسوأ حالاتها، وأنه يمكن توجيه الضربة إلينا. العدو يسعى لاستغلال شكاوى الناس المحقة، ودفعهم إلى الشوارع للاحتجاج، بينما يحاول البعض استغلال هذه المطالب لإحداث الفوضى. يجب علينا تجنب أي خطوة تؤدي إلى تصاعد سخط الناس وغضبهم. الوضع المعيشي وارتفاع الأسعار الذي يضغط على المواطنين اليوم لم يعد مقبولًا.”
تصريحات بزشكيان تعكس حالة القلق العميق داخل النظام من التداعيات المحتملة للأزمة الاقتصادية التي باتت وقودًا لحركات الاحتجاج الشعبية.
ومن جانبه، ألقى محسني إيجه إي باللوم بشكل غير مباشر على الحكومة في تفاقم الأزمة، محذرًا من أن الفشل في إيجاد حلول للمشاكل الاقتصادية قد يؤدي إلى تهديدات أمنية خطيرة. وقال: “إذا لم نتمكن من حل الأزمة الاقتصادية وتحسين أوضاع الناس، فقد تمنعنا هذه المشاكل من التعامل مع القضايا الثقافية، بل قد تؤدي لاحقًا إلى تحديات أمنية أكبر.”
هذا الإقرار بوجود تهديد أمني مباشر يشير إلى مدى الخوف الذي يسود أوساط النظام من تكرار الاحتجاجات الواسعة التي شهدتها البلاد في السنوات الأخيرة.
وأما رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف، فقد حاول التظاهر بالتعاطف مع الفئات الفقيرة التي تعاني من الأزمة، قائلًا: “هناك من يُسحقون اليوم تحت وطأة الضغوط الاقتصادية. هذه جلسة لا يمكننا فيها إلقاء اللوم على الآخرين؛ كل ما يحدث، سواء كان جيدًا أو سيئًا، يحدث تحت هذا السقف.”
وعلى الرغم من أن الاجتماع حمل عنوان “التضامن”، إلا أن الانقسامات الحادة داخل النظام كانت واضحة، حيث حاول القادة الثلاثة تجنب الصدام المباشر، لكن الخلافات العميقة كانت جلية.
صراعات داخلية حول السياسة الخارجية ومستقبل النظام
إحدى القضايا التي أشعلت التوترات الداخلية مؤخرًا كانت تصريحات وزير الخارجية السابق، محمد جواد ظريف، في منتدى دافوس، والتي أدت إلى تصعيد الخلافات داخل النظام وحتى خروج تظاهرات من قبل الموالين له. في إشارة مبطنة إلى هذه الأزمة، حذّر إيجه إي قائلًا: “إذا تصرفنا بطريقة تجعل الناس يفقدون الثقة في كفاءة النظام، وفي قدرة الإسلام على إدارة شؤونهم، فإن مسؤوليتنا ستكون ثقيلة. إذا تعرض الإسلام لهزيمة جديدة، لا قدر الله، فسنكون أمام مسؤولية جسيمة.”
في المقابل، دافع بزشكيان عن ظريف بشكل غير مباشر، منتقدًا تصفية الحسابات الداخلية داخل النظام، حيث قال: “هناك أشخاص خدموا هذه الثورة وبذلوا جهدًا كبيرًا، لكن بمجرد أن يرتكبوا خطأً أو زلة، يتم استبعادهم نهائيًا من الساحة.”
أما قاليباف، فحاول التقليل من حجم الخلافات، قائلاً: “بصراحة، قد تكون هناك اختلافات في وجهات النظر، لكن من يجلسون هنا يجب أن يعتبروا أن كلمة القائد هي الفصل في جميع نقاشاتنا.” لكن المفارقة أن خطابات خامنئي غالبًا ما تؤجج الخلافات بدلاً من حلها.
إحدى اللحظات الأكثر لفتًا للانتباه في الاجتماع كانت اعتراف إيجه إي الصريح بعدم قدرة النظام على الوصول إلى توافق داخلي. رغم محاولات التظاهر بالوحدة، قال بصراحة: “للأسف، لم نتمكن من التوصل إلى رؤية مشتركة… مهما كررنا الحديث عن ضرورة التوافق، فإنه لا يتحقق عمليًا.”
هذا التصريح يعكس حالة التفكك المتزايدة داخل النظام، الذي يبدو عاجزًا عن تجاوز صراعاته الداخلية في ظل تفاقم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية.
وعكست هذه الجلسة بوضوح حجم المخاوف التي تعصف برأس النظام الإيراني، حيث أقر القادة الثلاثة بعمق الأزمات الاقتصادية والاحتقان الشعبي والانقسامات الداخلية، رغم محاولاتهم التظاهر بالتضامن. إن تعبيرهم المتكرر عن القلق من الاحتجاجات المحتملة والخلافات المتزايدة بينهم يكشف عن نظام يواجه أخطر أزماته، حيث أصبح هاجس انهياره أكثر حضورًا من أي وقت مضى.