وصول نسبة التضخم في الاقتصاد الإيراني إلى 105 في المائة وادعاءات روحاني الباطلة – إذا أردنا دراسة نسبة التضخم في الاقتصاد الإيراني التي تصل إلى 105 في المائة، يجب أن نشير في بداية الأمر إلى نظرية خبير الاقتصاد الأمريكي، ستيف هانكي الذي يدرّس في جامعة جونز هوبكينز، والذي قال مؤخرًا عن معدل التضخم في الاقتصاد الإيراني: إن معدل التضخم في إيران تجاوز نسبة 100 في المائة، ووصل الآن إلى 105 في المائة، ويجب علينا أن ندرس ملابسات ذلك بعيون ثاقبة.
الاختلاف بين نظرية ستيف هانكي وبيانات روحاني
يشير تصريح البروفيسور هانكي إلى أن هناك فرقا كبيرا مع ما يزعمه روحاني، حيث يقول روحاني إن معدل التضخم في إيران هو رقم واحد وهو 9 في المائة، مما يدل على أن روحاني يسعى إلى التستر على جميع أوجه قصوره وإخفاقاته وعدم كفاءته باللجوء إلى الأكاذيب الصارخة حول الوضع الاقتصادي في إيران.
ويقول البروفيسور هانكي: أنا أؤدي عملًا علميًا وليس سياسيًا. ولهذا السبب أستخدم سعر الصرف في السوق السوداء في قياس التضخم، حيث أن سعر الصرف هو أهم سعر في أي اقتصاد بما في ذلك الاقتصاد الإيراني. فالسعر الرسمي للدولار في إيران سعر وهمي ومصطنع ومنقّح حددته الحكومة. فعندما تتحدث مع أي شخص في شوارع طهران يقول لك أنه يوافقني الرأي. فهم يعلمون أن الادعاء بأن نسبة التضخم السنوي تصل إلى 9,4 في المائة ليس سوى مزحة.
فعندما يشبّه خبير اقتصادي مخضرم مثل البروفيسور هانكي، الذي لا يتطرق إلى الشؤون السياسية في عمله ويدرس الاقتصاد الإيراني من وجهة النظر العلمية والاقتصادية البحتة؛ نسبة التضخم التي أعلنها روحاني بمزحة، فقد لا ينتبه الإيرانيون إلى تصريح روحاني في بداية الأمر ويقولون إنه كثيرًا ما يروق له سرد هذه النكات، حتى أن زملاءه صُعقوا بأكاذيبه.
السؤال الرئيسي
والسؤال الرئيسي الذي يطرح نفسه الآن هو: لماذا يفضح روحاني نفسه لهذه الدرجة على الصعيدين المحلي والدولي بالتفوه بمثل هذه الأكاذيب، وفي كل مرة يبث أكاذيب أخطر من سابقتها؟
وعندما شارك روحاني في اجتماع مع مديري وسائل الإعلام في البلاد بمناسبة أسبوع الحكومة، سعى إلى الإشادة بأدائه على مدى 7 سنوات، ولا سيما في مكافحة وباء كورونا، من خلال إجراء مقارنات غير واقعية وباطلة في مجالي مكافحة هذا الوباء واقتصاد البلاد بما يحدث في البلدان الأخرى. بيد أنه فيما يتعلق بنسبة التضخم في البلاد ادعى أن التضخم تراجع في عهده من رقمين إلى رقم واحد، وأن نسبة التضخم تصل الآن إلى حوالي 9 في المائة.
كما شارك روحاني في اجتماع التنسيق الاقتصادي للحكومة اليوم 27 أغسطس 2020، وتحدث عن وضع “خارطة طريق اقتصادية” لإصلاح الأضرار الناجمة عن العقوبات، خلال العام المتبقي من عمر الحكومة.
وتتلخص “خارطة الطريق الاقتصادية” لروحاني في أمرين: الأول، بيع الممتلكات الحكومية. والثاني، تحصيل المزيد من الضرائب من الناس.
وإذا انتبهنا لتصريحات روحاني السابقة، يتضح في البداية أنه عندما يقول إن إيرادات الحكومة انخفضت بنسبة 50 في المائة أو أنهم حُرموا خلال هذه السنوات من 900 مليار من عائدات النفط، فإن هذا يدل على حجم إفراغ خزانة الحكومة وأنهم يعيشون على الحديدة.
آراء الخبراء الحكوميين
وتذمر العديد من الخبراء الحكوميين من الاستراتيجيات غير الفعالة لحكومة روحاني ودائمًا ما يحذرون من أن هناك عاصفة اجتماعية تلوح في الأفق. ومن بين هؤلاء الاقتصاديين، فرشاد مؤمني، الأستاذ بجامعة طباطبائي.
وفي تلخيص موجز للأوضاع الاقتصادية المنهارة في البلاد، يشير فرشاد مؤمني إلى الحقائق المتعلقة بسوء النية، قائلًا: ” إن التقرير الصادر عن مركز الأبحاث بمجلس شورى الملالي يفيد بأنه من المتوقع في الاقتصاد الإيراني فقط وبسبب وباء كورونا فقط أننا سنعاني من تراجع في الناتج المحلي الإجمالي يتراواح ما بين 7,5 و 11 في المائة في عام 2020.
مركز الأبحاث بمجلس شورى الملالي
تفيد الأبحاث في الدراسات التي نشرها مركز الأبحاث بمجلس شورى الملالي مؤخرًا بأنه من المتوقع فقدان ما يتراوح بين 2 مليون و 870 ألف حتى 6 مليون و 431 ألف وظيفة في إيران في عام 2020، بسبب وباء كورونا فقط.
وهذا يدل على الضربات الموجعة التي نتلقاها بسبب وجوه الإهمال في الهيكل المؤسسي المتعلقة بالتربح الريعي والربا والسمسرة وتفوّق الواردات أهميةً عن الإنتاج الصناعي الحديث، ونحن ندفع ثمن تلك الأضرار في هذا الصدد أيضًا. ومن المؤسف أن هناك في إيران تشابكا وتفاعلا وتآزرا بين الاتجاهات المسببة للركود والمولدة للتضخم أسوأ وأكثر إثارة للقلق بمراحل مما هي عليه في الدول النامية. ولهذا ظهرت الأضرار التي لحقت بمنظومة الرعاية الاجتماعية في إيران بشكل سافر تمامًا.
القضايا التي يجب أن تؤخذ على محمل الجد
يجب أن تؤخذ القضايا الأساسية في أوقات الأزمات على محمل الجد إلى حد كبير، بيد أن ما نراه اليوم هو أن التوجهات تسير بشكل عام على نحو يدفعنا إلى أن نكون في عجلة من أمرنا. إذ نشهد مستوى غير مسبوق ومقلق من قصر النظر والمباغتة في عمليات صنع القرار وتخصيص الموارد.
ومن المؤكد أن الخبير الاقتصادي المذكور حاول التحدث مستخدمًا التعبيرات الاقتصادية والحفاظ على المجاملات الحكومية. بيد أن معنى الكلمات التي أشار إليها مثل “قصر النظر” و ” في عجلة من أمرنا”، هي تعبير عن نفس الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي لنظام الملالي العاجز الذي يسعى إلى أن يجد ضالته في الانتخابات الأمريكية من خلال سياسية الانتقال من ركيزة إلى أخرى لعل الطريق ينفتح أمامه بانتخاب بايدن.
وفي المجال الاجتماعي، يرى الملالي أن التهديد الأكبر لهم هو شرارة اندلاع انتفاضة أخرى يتمثل التصدي لها في القمع وتقييد الحريات قدر الإمكان في كافة ساحات البلاد بدءًا من الساحة الافتراضية وصولًا إلى الساحة الحقيقية.
وصول نسبة التضخم في الاقتصاد الإيراني إلى 105 في المائة وادعاءات روحاني الباطلة