في العالم الواقعي، تتخلى الصين وروسيا عن إيران- توقفت المفاوضات لإحياء الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015)خطة العمل الشاملة المشتركة (، ولا تزال مهمة الجولة السابعة من المحادثات غير واضحة. حيث إنه في الوقت الذي لا يوجد فيه احتمالية إجراء محادثات بين نظام الملالي والولايات المتحدة، صرّح بعض كبار المسئولين، أن النظام يتجه إلى القوى الشرقية، كما يزعمون أن مشكلة العقوبات سيتم حلها من خلال التوقيع على وثائق تعاون مدتها 25 عامًا بين نظام الملالي وروسيا والصين.
ويتحدث العديد من كبار الشخصيات السياسية في النظام، عن تدفقات لرؤوس الاموال الصينية تبلغ قيمتها400 مليار دولار، ويشيرون إلى أن السبيل للخروج من الضغوط التي تسببها العقوبات هو اللجوء إلى ثاني أكبر اقتصاد في العالم وهو الصين، وكذلك بالطبع روسيا.
وكان لتوقيع وثيقة التعاون الإيرانية الصينية التي ستستمر لمدة 25 عامًا تداعيات عديدة. حيث إن العديد من الإيرانيين، الذين لم تكن لديهم تجارب إيجابية عن العلاقات الاقتصادية بين الصين والنظام، عارضوا التوقيع على الوثيقة بطرق مختلفة، لكن التوقيع تم في النهاية، وكذلك أيضاً، أن النظام قد وقّع في وقت سابق على وثيقة مماثلة مع روسيا.
لم تسهّل أي من وثائق التعاون من سنوات العقوبات على إيران. وحتى في عام 2016 وبعد خطة العمل الشاملة المشتركة، تمكن النظام من الدخول في مفاوضات مع الولايات المتحدة لشراء طائرات بوينج، ولكن روسيا لم تقبل بيع طائرات سوخوي إلى النظام.
والآن بعد أن تردد أن نافذة محادثات إحياء “خطة العمل الشاملة المشتركة” سيتم إغلاقها، يرى بعض المعارضين وحتى مؤيدي تلك الخطة، أن نظام الملالي يرى الصين وروسيا كبديل للولايات المتحدة ويعتقد أن الشريكين التجاريين الشرقيين سيتمكنان من تحريك الاقتصاد الإيراني للخروج من هذا المأزق.
لكن روايات بعض الشخصيات السياسية والاقتصادية الأخرى حول كيفية تفاعل القوى الشرقية مع نظام الملالي مختلفة جدًا، بل ومتناقضة.
وفي غضون ذلك، يمكن أن نذكر الخطاب الأخير الذي ألقاه “إسحاق جهانغيري”، النائب الأول لرئيس النظام، في البنك المركزي.
حيث قال: “لم نكن نعتقد أنه، حتى الهند لن تشتري النفط منّا ولن ترفع قيمته، وأيضاً روسيا وبعض الدول المجاورة التي ضحينا من أجلها بأبنائنا من أجل استقلال بلادهم قد فعلوا ذلك، وكنّا وحدنا في هذه الحرب الاقتصادية ولم ننتقم. يمكننا فقط التحايل على العقوبات ونقل البضائع وجلب الأموال لشراء بضائع أخرى من خلال تبني سياسات ما بعد العقوبات المصرفية “.
بعد العقوبات الموقّعة على النظام، لم تكن الصين فقط من أوائل الدول التي سحبت رؤوس أموالها من النفط والغاز ومشاريع السيارات والبنية التحتية، مثل مشاريع الطرق السريعة والسكك الحديدية وغيرها، لكنها أيضًا أعاقت موارد النظام. ويقال إن النظام لديه حوالي 40 مليار دولار من الأصول المجمدة في خمس دول، نصفها في الصين.
لكن الصين لم تقم فقط بتجميد قدر كبير من الأصول الخاصة بنظام الملالي، بل استفادت أيضًا من العقوبات لشراء النفط الإيراني بأقل من الأسعار العالمية وبخصومات عالية، ووفقًا لنشطاء، أنه حتى في صناعة البتروكيماويات، قامت الصين بدور الوسيط في بعض المنتجات النفطية الإيرانية، مثل اليوريا، حيث قاموا بشرائها بسعر رخيص من إيران وبعد ذلك قاموا بتصديرها إلى الهند.
هذا مثال بسيط عن سبب قول العديد من معارضي النظام إن النظام يبيع البلاد بالمزاد العلني. في الوقت نفسه، إن حجم تجارة الصين مع الولايات المتحدة والسعودية والإمارات العربية المتحدة وحتى إسرائيل كبير للغاية لدرجة أن النظام ليس شريكًا تجاريًا رئيسيًا لها، ويبدو أنها تفضّل مصالحها الوطنية في التجارة، ووفقًا للنشطاء الاقتصاديين، إن الصداقة ليس لها معنى في التجارة.
وفي هذا الصدد قال “مجيد رضا حريري” رئيس غرفة التجارة الإيرانية الصينية لوكالة أنباء (إيلنا) أنه :من المهم أن نعلم أن حجم التجارة بين النظام والصين وصل حاليًا إلى أدنى مستوى له خلال الـ 16 عامًا الماضية.
“ومع تقلص إجمالي حجم التجارة الدولية وعبر الحدود، تتقلص أيضًا حصتنا من التجارة مع الصين، حيث لم يكن لدى النظام والصين سوى القليل من التجارة مع بعضهما البعض في آخر 15 أو 16 عامًا.”
وأضاف رضا حريري، بلغ حجم التبادل التجاري بين النظام والصين بحلول نهاية عام 2020 نحو 16 مليار دولار، وحتى إذا أضفنا إلى ذلك، البيع غير الرسمي للنفط، لا يزال لا يصل حجم التبادل إلى 20 مليار دولار.
وشددّ الحريري على أن “تراجع حجم تجارتنا الخارجية العام الماضي كان غير مسبوق خلال السنوات العشر أو الاثنتي عشرة الماضية. بمعنى آخر، من حيث حجم تجارتنا الخارجية، لقد عدنا إلى منتصف التسعينيات، وكان جزء مهم من هذا التراجع بسبب العقوبات الشديدة في عام 2020 وكذلك تراجع مبيعات النفط.وبطبيعة الحال، في ظل هذه الظروف، لا يمكننا توفير العملة اللازمة لشراء الواردات “.
وفي إشارة إلى بعض المشاكل في التبادلات بين النظام والصين، قال: “ومع ذلك، من الصعب شراء بعض السلع من الصين وخاصة من الشركات المرخصة من الولايات المتحدة والتي إما مملوكة لأمريكا أو لديها مساهمون أمريكيون أو أنشطة في الأسواق الأمريكية. وبالطبع، هذا ليس قرارًا اتخذته الحكومة الصينية، ولكنّها قرارات الشركات.
هذه المشكلة ليست فقط للقاحات، ولكن أيضًا للعديد من السلع الأخرى التي تأتي من الشركات التي تعمل مع الأمريكيين، أو المدرجة في البورصة الأمريكية، أوالتي تستخدم المواد الخام الأمريكية.
حيث تفضّل الشركات في نهاية المطاف مصالحها، وحتى في حالة النفط، فقد صرحت الصين رسميًا أنها لن تقبل عقوبات نفطية أوغير نفطية أمريكية أحادية الجانب. لكن العديد من الشركات الصينية لا تعمل معنا خشية أن تتعرض مصالحها التجارية للخطر.
هناك قضايا أخرى، مثل عقوبات الموانئ، وكلها تؤثر على التجارة بين البلدين.حيث إنه، إذا رست سفينة إيرانية في ميناء، فسيواجه الميناء ومشغله عقوبات أمريكية. وإن شركات النفط في الصين هي مؤسسات تجارية ولا تفضّل القضايا السياسية على التجارية “. (وكالة أنباء إيلنا، 18 يوليو/ تمَوز 2021(
وقال شعيب بهمن، الخبير في الشؤون الروسية، لوكالة الأنباء “إيلنا : “على مدى السنوات الماضية، كان أحد التحديات الرئيسية في العلاقات بين النظام وروسيا هو تطوير العلاقات التجارية. حيث كان حجم التجارة بين البلدين دائمًا أقل من 2 مليار دولار، وهو ليس رقمًا كبيراً في العلاقات التجارية الدولية.
حيث يصل حجم الاتفاقيات التجارية الموقّعة بين النظام وروسيا إلى أكثر من 25 مليار دولار، لكن يمكنكم أن ترون أن مستوى العلاقات التجارية التشغيلية بين البلدين أقل من 2 مليار دولار.
أما عن تأخر النظام في العلاقات الاقتصادية، أضاف أنه : “على سبيل المثال، بلغ حجم التجارة بين تركيا وروسيا أكثر من 30 مليار دولار، وخطط الجانبان لزيادة هذا الرقم إلى 100 مليار دولار، وهو عامل حاسم في القضايا السياسية. . ”
وقال إنه حتى الدول الأخرى، ليس لديها علاقة اقتصادية جيدة مع إيران، وأضاف: “بالطبع، حتى الدول المجاورة مثل العراق تصرفت بشكل مشابه مع شركاء النظام التجاريين، ولم يقتصر الأمر على تطبيقها تعريفات جمركية أعلى على الواردات من النظام من تلك التي يفرضها عليها الشركاء الآخرين، لكنهم رفضوا مرارًا وتكرارًا تسوية ديونها البالغة 5 مليارات دولار مع النظام بذرائع مختلفة “.