لماذا أعاد جيران إيران المنتجات الإيرانية الزراعية؟
من الواضح أن الفساد وسوء الإدارة في إيران قصة لا نهاية لها، ومع مرور الأيام والأسابيع، تجد نسخة جديدة ومختلفة منها طريقها إلى وسائل الإعلام وشبكة الإنترنت العالمية. هذه المرة، احتلّ رفض العديد من الدول المجاورة للمنتجات الزراعية الإيرانية بسبب العفن ومخلفات المبيدات الحشرية العديد من العناوين الرئيسية الفاضحة والمثيرة للجدل.
في يوم الجمعة الموافق 10 ديسمبر / كانون الأول، صرّح مصطفى دارين نجاد، رئيس جمعية الفواكه والخضروات الإيرانية، لوكالة أنباء العمل الإيرانية (إيلنا)، إن الهند وروسيا وأوزبكستان والإمارات العربية المتحدة وسلطنة عُمان وقطر وعدد قليل من الدول الأخرى لم تعد تقبل الشهادات الصادرة عن المنظمات الزراعية الإيرانية وطالبتها بالوفاء بالمعايير الدولية.
صادرات المنتجات الإيرانية بالأرقام
وبحسب الإحصائات الحكومية، صدرّت إيران منتجات زراعية بنحو 6.5 مليار دولار العام الماضي. تعد إيران من بين أكبر عشرة منتجين لبضع عشرات من الفواكه والخضروات، بما في ذلك الزعفران والتفاح والحمضيات والبطيخ والشمام والرمان والتمر والفستق والجوز. وقال دار نجاد إن الهند ترفض تصاريح استيراد الكيوي الإيراني بعد أن تبين أنه لا يتطابق مع معايير السلامة. تحتل إيران المرتبة السابعة في إنتاج الكيوي في العالم وأنتجت ما يقرب من 60 ألف طن متري بقيمة 95 مليون دولار في عام 2018.
وفي نوفمبر/ تشرين الثاني 2021، أعاد المستوردون القطريون ما يقرب من 588 نخلة، بقيمة 136 ألف دولار، تم استيرادها لتبطين الشوارع استعدادًا لكأس العالم لكرة القدم 2022.
الأكاذيب وعدم الشفافية
بعد ما يقرب من ثلاثة أسابيع من الإعلان عن إعادة المنتجات الزراعية، نفت وسائل الإعلام الحكومية مرارًا وتكرارًا السبب الحقيقي وراء تلك الإعادة، وهو توزيع مبيدات الآفات غير المطابقة للمعايير على المزارعين. كانت آلات التستر التابعة للنظام منشغلة في العمل بلعب دور البراءة والتقليل من حجم القضية.
ونقلت صحيفة “جهان صنعت” الحكومية عن عضو في لجنة الزراعة بالبرلمان قوله: “إعادة بعض البلدان للمنتجات الزراعية هو مجرد سوء فهم”. ونفت صحيفة أخرى حكومية المشكلة ووصفتها “ببناء الأجواء”. وذهبت عملية التستر إلى أبعد من ذلك وزعم موقع مشرق نيوز الإلكتروني أن “اللوبي الإسرائيلي” في روسيا كان وراء مبادرة القضاء على المنافسة في السوق على الفلفل الإسرائيلي. كانت روسيا واحدة من الدول التي أعادت الفلفل الإيراني.
القصة الحقيقية
لكن في نهاية المطاف، ظهرت الحقيقة، وكشف عدد من أعضاء برلمان النظام ووسائل الإعلام عن السبب الحقيقي. فقد صرّح النائب علي رضا باك فطرت في 29 ديسمبر/ كانون الأول قائلًا: “تحذيري الآخر لوزارة الجهاد للزراعة ووزارة الصحة. لماذا يجب أن نسمع من الدول المجاورة أن منتجاتنا الغذائية دون المستوى المطلوب؟ لماذا يجب على الدول المجاورة لنا إعادة منتجاتنا الزراعية لأنها غير مطابقة للمعايير؟ لماذا يجب ألا يتطابق التوكسين الذي ننتجه في إيران مع المعايير المطلوبة؟ السيد وزير الزراعة، لماذا لم تثقف الفلاحين بعدم استخدام المبيدات والأسمدة الكيماوية بكثرة؟ لماذا تشوهون سمعة إيران؟ “
بينما عرض النائب محسن علي زاده وجهة نظر أخرى قائلًا: “علمنا في الأيام القليلة الماضية أن بعض منتجاتنا التي تم تصديرها إلى دول الجوار قد أعُيدت لنا مرة أخرى. في هذا الصدد، ومع العلم أنه، للأسف الشديد، هناك مافيا كبيرة في البلاد تعمل فقط على استيراد التوكسين ولا تهتم بصحة المواطنين”.
قبل ذلك بأيام قليلة، كتبت صحيفة ستاره صبح الحكومية عن مافيا التوكسين والأسمدة، التي تستورد المواد الخام من خلال احتكار الواردات واستخدام الإعانات الحكومية. وأشارت الصحيفة عن غير قصد إلى قوات حرس نظام الملالي والاحتكارات الزراعية التابعة لسلسلة أستان قدس رضوي التابعة لقيادة المرشد الأعلى. وذكر المقال أن هناك 70 مصنعًا للمبيدات في إيران، لا يعمل منها سوى 20 مصنعًا فقط. قد تصل طاقتها القصوى إلى 250000 طن من المبيدات؛ ومع ذلك، فقد كانوا ينتجون فقط 30.000 إلى 35.000 طن، وهو أقل بكثير من طاقتهم الفعلية، وذلك كله حتى لا يتأثر استيراد المبيدات الحشرية الرخيصة وغير المطابقة للمعايير من قبل سلطات النظام.
المنتجات السامة توزع وتباع للمواطنين
ويأتي الجزء الأكثر بشاعة من القصة، حيث أن كل هذه الفاكهة والخضروات المرفوضة والسامة تباع للشعب الإيراني بسعر مخفض أو يتم توزيعها على الإيرانيين الفقراء. زعمت الحكومة أن الفلفل السام الموزع لم تتم إعادته بسبب العفن والمبيدات الحشرية ولكن لأن روسيا لم تكن بحاجة إلى الحمولة الكاملة. تدرك سلطات النظام جيدًا أن هذه المنتجات مسرطنة بسبب سميتها العالية.
هذه هي الطبيعة الحقيقية لنظام الملالي الذي في قاموسه، لا مكان للحياة البشرية والكرامة الإنسانية. فالهدف الأول والأخير للنظام هو تحقيق أقصى ربح بأي ثمن.