إرث قاسم سليماني سيئ السمعة
أزاحت السلطات في محافظة شهركرد وجهارمحال وبختياري، صباح يوم الأربعاء الموافق 5 يناير/ كانون الثاني 2021، الستار عن تمثال كبير لقاسم سليماني قائد فيلق القدس الإرهابي المقتول.
التمثال، الذي استغرق بناؤه عامًا وبتكلفة باهظة من جيوب الشعب الإيراني، كان يهدف إلى تمجيد سيد الإرهاب في النظام، الذي قُتل في هجوم بطائرة مسيّرة في يناير/ كانون الثاني 2020. وتم إزاحة الستار عن التمثال بحضور مسؤولي نظام الملالي وسط ضجة كبيرة، كما تمت إقامة احتفالات أخرى في الميدان حيث تم إزاحة الستار عن التمثال.
وفي تمام الساعة التاسعة والنصف مساءً، قامت وحدات المقاومة التابعة لمنظمة مجاهدي خلق بحرق التمثال. أثار ذلك العمل الجريء الذي قامت به وحدات المقاومة، والذي عرضّ حياتهم لخطر كبير، ردود فعل عنيفة من قبل النظام.
وكتبت وكالة إنباء إسنا شبه الرسمية يوم الخميس الماضي “في تصرف وقح، أشعل مجهولون الليلة الماضية تمثال الفريق الحاج قاسم سليماني، بحضور مسؤولين في المحافظة في ساحة حضرة قمر بني هاشم بشهر كرد”.
وفي يوم الخميس، أصدر محمد علي نيكونام، ممثل المرشد الأعلى لنظام الملالي في شهر كرد، بيانًا وصف فيه إحراق التمثال بأنه “جريمة” من شأنها “زيادة شعبية الحاج قاسم سليماني بين الناس”.
منذ سقوط سليماني، بذل النظام جهودًا كبيرة لتصويره كبطل قومي وشخصية شعبية. بينما يصارع الشعب الإيراني الفقر ويكافح من أجل تغطية نفقاته، أنفق النظام مبالغ طائلة من الثروة الوطنية لتثبيت ملصقات وعمل تماثيل لسيد الإرهاب. في الوقت نفسه، حشد النظام أنصاره في الخارج لتأبين سليماني.
لكن رد الفعل العام على ملصقات سليماني أظهر ما يشعر به الشعب الإيراني حقًا تجاه المجرمين أمثاله. أصبحت ملصقات سليماني الممزقة والمحترقة مشهدًا شائعًا ليس فقط في إيران ولكن أيضًا في الدول المجاورة حيث أنفق النظام مبالغ ضخمة في جهود الدعاية لتمجيد القائد الإرهابي.
إن مدح النظام لسليماني يرمز إلى طبيعته والانقسام بين حكام إيران وشعبها. بصفته قائد قوات حرس نظام الملالي، لعب سليماني دورًا رئيسيًا في القمع الدموي للانتفاضات الرئيسية المناهضة للنظام في إيران على مر السنين، والتي أسفرت عن مقتل 1500 متظاهر خلال انتفاضة نوفمبر/ تشرين الثاني 2019 وحدها.
كما أشرف سليماني على العمليات الإرهابية للنظام في الخارج. وكان الشخصية الرئيسية وراء العديد من الهجمات ضد أعضاء منظمة مجاهدي خلق الإيرانية في العراق. كما أشرف بنفسه على الهجوم الوحشي على معسكر أشرف في سبتمبر/ أيلول 2013 والهجمات الصاروخية على معسكر ليبرتي من 2012 إلى 2016. كما كان وراء تشكيل الحشد الشعبي، وهو مجموعة من الميليشيات المدعومة من نظام الملالي في العراق والتي كانت ترهب الشعب العراقي وتنفذ هجمات مميتة أخرى في جميع أنحاء البلاد.
كما قاد سليماني تدخل النظام في سوريا، ودعم الديكتاتور بشار الأسد ضد قوات المعارضة من خلال تزويده بأسلحة النظام القاتلة وقواته وأمواله. أكسبه دور سليماني المحوري في الهجوم الكيماوي المميت على الغوطة عام 2013 لقب “قاتل الأطفال”.
وأينما ذهب، ترك سليماني بصماته بالموت والعنف والإرهاب. في العام الماضي، أقرّ مسؤول كبير في حماس أنه تلقى شخصيًا أكثر من 20 مليون دولار نقدًا من سليماني.
كما اعترف العديد من مسؤولي النظام، بمن فيهم المرشد الأعلى علي خامنئي، أن سليماني شخصية رئيسية في سياسات النظام الداخلية والخارجية. حيث شكّل القضاء عليه ضربة لا يمكن إصلاحها للنظام.
ولكن بغض النظر عن مدى صعوبة محاولة النظام تحويل المجرم الميت الآن إلى بطل قومي، فإن جهوده تذهب سدى. حيث لا يؤمن شعب إيران بأيديولوجية وسياسة القرون الوسطى للملالي الحاكمين. واليوم، يمكن رؤية إرث سليماني – وبالتالي إرث النظام – في ملصقات ممزقة وتماثيل محترقة في أجزاء مختلفة من إيران.