الاقتصاد الإيراني تسيطر عليه مافيا نظام الملالي
بداية من العام 2019 وحتى يومنا هذا، تجاوز “معدل إهلاك رأس المال” “معدل تكوين رأس المال” في الاقتصاد الإيراني وتم الإبلاغ عن نمو سلبي في مخزون رأس المال.
ووفقًا للخبراء الاقتصاديين في نظام الملالي، من المقرر أن يصبح هذا الأمر أكثر قلقًا، نظرًا لأن اقتصاد النظام الضعيف والممزق نتيجة الأزمات الطاحنة أصبح في أسوأ حالاته خلال العقود الأربعة الماضية. وهذا مؤشر واضح على أنه حتى التقدم الإيجابي لصالح النظام خلال المحادثات النووية الجارية لن يساعد في إنقاذه من الانهيار الاقتصادي.
وقد أظهرت التقديرات أنه بين عامي 2005 و2020، تم تهریب حوالي 171 مليار دولار من رؤوس المال من البلاد. في حقيقة الأمر، في المتوسط، يغادر الاقتصاد الإيراني حوالي 11.4 مليار دولار سنويًا، أي ما يعادل حوالي 342 تريليون تومان.
من ناحية أخرى، يرتبط انخفاض “معدل تكوين رأس المال” (للسنة الثالثة على التوالي) بـ “هروب رؤوس الأموال” من الاقتصاد الإيراني.
الأمر الذي أدى هذا إلى خلق أوضاع اقتصادية ميؤوس منها بالنسبة للنظام. عندما يرى عدد قليل جدًا من المستثمرين الأجانب المتبقين الوضع الحالي للاقتصاد الإيراني، فإنهم يقدرون معدل العائد المستقبلي على رأس المال ويستنتجون أن عوائد الاستثمارات الخاصة بهم ستكون معدومة. وفي نهاية المطاف، سوف يتخذون قرارهم بسحب رؤوس أموالهم من البلاد. وستكون نتيجة ذلك انخفاضًا حادًا في “معدل تكوين رأس المال”.
عندما تصبح قيمة “معدل تكوين رأس المال” سالبة، يؤدي ذلك إلى نقص الاستثمارات في الاقتصاد. وبالتالي، مع الأخذ في الاعتبار انخفاض قيمة الاستثمارات السابقة، سيكون رأس المال المتاح لإنتاج السلع والخدمات أقل بكثير في العام التالي.
والنتيجة واضحة للجميع: إلى جانب نمو السيولة في البلاد، فإن عملية نمو إنتاج السلع وتقديم الخدمات سوف يصبح سلبياً، مما يعني أن التضخم سيبلغ ذروته. وفي حال استمرار التراجع في “معدل تكوين رأس المال”، فسوف يتدهور اقتصاد النظام تدريجياً. موت تدريجي سيقضي على كل آمال النظام وأحلامه.
هناك سبب آخر يكمن خلف تلك الأوضاع، هو أنه حتى بعد أربعة عقود، لا يزال اقتصاد النظام في فئة اقتصاد السلعة الواحدة.
لا يزال اقتصاد النظام يعتمد على تصدير النفط والصلب والبتروكيماويات والعديد من صادرات المعادن. ببساطة، الاقتصاد الإيراني بقي على حاله ولم يتنوع على الإطلاق، حيث يمثل النفط ما يقرب من 80 بالمئة من صادرات إيران. لهذا السبب، لا يزال من الممكن اعتبار اقتصاد النظام اقتصاد السلعة الواحدة.
تتمثل إحدى خصائص اقتصادات السلعة الواحدة في سيطرة الحكومة على تجارة عدد قليل من المنتجات. وتتحكم الحكومة وبعض المؤسسات التابعة للدولة في إنتاج وتصدير هذه المنتجات. من ناحية، من الأسهل بكثير فرض عقوبات على الدولة بينما على سبيل المثال، تصدر 50 منتجًا بدلاً من 500، ومن ناحية أخرى على المستوى الداخلي، سيضخ 50 مصدرًا دولارات في الاقتصاد بدلاً من 500 مصدر، الأمر الذي سيؤدي إلى خلق اقتصاد يشبه اقتصاد المافيا.
في الوقت نفسه، نظرًا لأن النظام يديره عدد قليل من المؤسسات الكبيرة، فإن هذه المؤسسات تتحكم في سعر الصرف في السوق المحلية. عندما تكون الواردات مربحة، فإنها تحافظ على سعر الصرف منخفضًا لتحقيق أعلى قدر من المبيعات وعندما تكون الصادرات مربحة، فإنها ترفع سعر الصرف بحيث تحصل هذه المؤسسات على أعلى ربح ممكن.
في الواقع، المستثمرون الحقيقيون من القطاع الخاص والأشخاص العاديون هم خارج التيار وليس لهم مصلحة في هذه اللعبة الكبيرة. نتيجة لذلك، تتشكل سلسلة التوريد بشكل معين. ونتيجة هذه السلسلة، هي أنه بدلاً من وجود لاعبين متعددين في السوق، والتي لا يمكن أن يكون لأي منهم تأثير مطلق، يتم منح اقتصاد الدولة لعدد قليل فقط من المؤسسات التابعة للنظام ويتم تشكيل عدد قليل فقط من “التكتلات الاقتصادية”.
المؤسسات التابعة للنظام هي المسؤولة عن عدد من الكوارث مثل “الاكتناز” و “التهريب” وغيرها الكثير. عادة ما تأخذ هذه المؤسسات رأس المال من الاقتصاد بعد أن تملأ جيوبها بأموال الناس وتستثمرها في مكان آمن مثل بنوك سويسرا، أو العقارات في أوروبا وكندا.
والأسوأ من ذلك أن النظام القانوني لنظام الملالي يسمح بهذا الفساد. ووفقًا للخبراء الاقتصاديين والقانونيين، فإن محاكمة مالكي رؤوس الأموال التي تم إخراجها من البلاد يكاد يكون مستحيلًا، ولم يقاض النظام حتى الآن سوى عدد قليل من اللاعبين الصغار، تاركًا الجهات الفاعلة الكبيرة دون المساس بها.