حرب الطائرات المسيّرة الخطيرة التي تشنها جمهورية الملالي على العراق
في مساء ليلة الأربعاء، وفي تمام الساعة التاسعة والنصف، أصيب ثلاثة مدنيين عراقيين في هجوم بطائرة مسيّرة شمال العراق. كان موقع الحادث في غاية الأهمية: حيث وقع الحادث بالقرب من أربيل على ما يعرف بطريق بيرمام في مدينة شاويس. تربط هذه المنطقة عاصمة إقليم كردستان العراق بشقلاوة وهي أيضًا قريبة من المكان الذي يتم فيه بناء قنصلية أمريكية جديدة.
التفاصيل الكاملة للهجوم ليست واضحة إلى الآن، لكنها مهمة في السياق الأوسع لنظام الملالي ووكلائه الذين يستخدمون الطائرات المسيّرة لضرب أهداف أمريكية، بما في ذلك شركاؤها وحلفاؤها في المنطقة.
ويشمل ذلك تهديدات الطائرات المسيّرة لإسرائيل والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وإقليم كردستان العراق وغيرها.
والسؤال الأهم هنا، لماذا الآن؟ السياق العالمي الأكبر
وتأتي الحادثة الأخيرة في الوقت الذي صوّت فيه مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية على تبنّي قرار يدعو نظام الملالي إلى تقديم معلومات حول مواقعه النووية غير المعلنة.
كما يأتي في أعقاب استيلاء نظام الملالي على سفينتين يونانيتين في الخليج باعتبارها “إجراءات عقابية” رداً على مصادرة النفط الإيراني من قبل الولايات المتحدة في اليوم السابق، ما أدى إلى تصعيد التوترات.
علاوة على ذلك، في 30 مايو/ أيار، استهدفت الميليشيات الموالية لنظام الملالي القوات الأمريكية في قاعدة الأسد في العراق. كما زعمت تقارير من نظام الملالي حينئذ أنه تم تنفيذه على وجه التحديد بالقرب من المنطقة المحددة للقنصلية الأمريكية الجديدة.
الطريق من أربيل إلى شقلاوة، حيث وقع الهجوم، غالبًا ما تكون مزدحمة بالناس في الليل. في حرارة الصيف، يظل الكثير من الناس في أربيل مستيقظين لوقت متأخر، ويميلون إلى الخروج لتناول الشاي أو الطعام في وقت متأخر أو إلى صالات التدخين.
أربيل مدينة ناجحة وآمنة، وقد حاول نظام الملالي ووكلاؤه الإضرار بالأمن الذي كانت تحتفظ به في الماضي. الطائرات المسيّرة هي إحدى الطرق المؤكدة للقيام بذلك لأن المدينة ليس لديها دفاعات حقيقية ضدها.
من الذي يستخدم الطائرات المسيّرة ولماذا؟
قام نظام الملالي، في السنوات الأخيرة، بنقل تقنية الطائرات المسيّرة إلى وكلائه في العراق، بالإضافة إلى إغراق المنطقة بالطائرات المسيّرة المسلحة.
يمتلك حزب الله آلاف الطائرات المسيّرة، بعضها قادر على الأرجح على حمل ذخيرة ويعمل كسلاح كاميكازي. كما يستخدم الحوثيون في اليمن الطائرات المسيّرة ضد السعودية طوال الوقت.
نظام الملالي رائد في حرب الطائرات المسيّرة
استخدمت جمهورية الملالي الطائرات المسيّرة وصواريخ كروز في سبتمبر/ أيلول 2019 ضد بقيق، وهي منطقة مسوّرة تابعة لشركة أرامكو السعودية تمتلك منشآت لمعالجة النفط في شرق المملكة العربية السعودية.
تم استخدام الطائرات المسيّرة ضد إسرائيل في فبراير/ شباط 2018، ثم مرة أخرى في مايو/ أيار 2021 عندما حلقّت واحدة من العراق. في هذا العام فقط، حاول نظام الملالي إطلاق الطائرات المسيّرة فوق العراق باتجاه إسرائيل، لكن التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة نجح في إسقاطها. استخدمت إسرائيل أيضًا طائرات F-35 لإسقاط الطائرات المسيّرة التابعة لنظام الملالي العام الماضي.
إيران وميليشياتها وراء إطلاق الطائرات المسيّرة.
يمكن إطلاق الطائرات المسيّرة من أي مكان تقريبًا، وذلك نظرًا لأنها ليست كبيرة الحجم، ويمكن إطلاقها من شاحنة. يعمل نظام الملالي عادة على تزويد مليشياته بمزيج من الطائرات المسيّرة وصواريخ عيار 107 ملم و122 ملم. كما أنها تستخدم الصواريخ الباليستية بدقة متزايدة. على سبيل المثال، استهدف نظام الملالي قاعدة الأسد في يناير/ كانون الثاني 2020 بعد أن قتلت الولايات المتحدة قائد فيلق القدس في قوات حرس نظام الملالي قاسم سليماني. حالة من التوتر في الأراضي الكردية.
في السنوات الأخيرة، زاد نظام الملالي من هجماتها على أربيل بشكل سريع.
لقد نقلت الولايات المتحدة قواتها من معظم المنشآت في العراق، مثل التاجي، وركزتها حول عاصمة إقليم كردستان. لذا فإن نظام الملالي يعتبر أربيل الآن مقرًا ليس فقط للوجود الأمريكي ولكن للوجود الإسرائيلي أيضًا.
كانت هذه سمة رئيسية لهجوم نظام الملالي في مارس/ آذار على المنطقة الأكثر اكتظاظًا بالسكان خارج المدينة، والتي نتج عنها تدمير أحد المنازل الكبيرة. حدث هذا مرة أخرى عندما استهدفت طائرة إيرانية مسيّرة مجمع طائرات في مطار أربيل الدولي في أبريل/ نيسان 2021؛ وقالت وسائل إعلام أمريكية إن الهنجر استخدمته من قبل وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية. وهذا يعني أن نظام الملالي لديه معلومات استخباراتية ويرسل رسائل من خلال صواريخه وطائراته المسيّرة.
كما استهدفت الصواريخ مؤخرًا قاعدة تركية بالقرب من بعشيقة، وكذلك مصفاة كلك للنفط.
وهكذا يقول نظام الملالي أنه يستطيع ضرب القوات التركية والولايات المتحدة والسلطات الكردية إذا أراد ذلك. حتى إنه قام بإرسال طائرات مسيّرة إلى ميليشياته المتحالفة في العراق لاستهداف رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي. لا يرى النظام أي خطوط حمراء هذه الأيام ضد استخدام الطائرات المسيّرة.
رداً على ذلك، زادت إسرائيل من حدة خطابها بشأن تهديدات الطائرات المسيّرة، بما في ذلك في خطاب ألقاه وزير الدفاع بيني غانتس، حيث قال إن نظام الملالي يحاول استكمال إنتاج وتركيب 1000 جهاز طرد مركزي متطور من طراز IR6، بما في ذلك في منشأة جديدة تحت الأرض يجري بناؤها بالقرب من نطنز. كما أشار إلى أن النظام يمدّ فنزويلا بطائرات مسيّرة، وأنه أقام أيضًا مصنعًا للطائرات بدون طيار في طاجيكستان.
في الأسابيع الأخيرة، كانت هناك تقارير تفيد بأن أعضاء رئيسيين في برنامج الطائرات المسيّرة في العاصمة طهران قد يكونون مستهدفين في جمهورية الملالي وأن طائرة مسيّرة استهدفت منشأة في قاعدة بارشين. مما يعني أن نظام الملالي قلق من تهديدات الطائرات المسيّرة.
يستخدم نظام الملالي الطائرات المسيّرة والصواريخ بسبب سياسة الإنكار المعقول. حيث يمكن للنظام بسهولة نقل القطع إلى مجموعات في العراق وسوريا ولبنان واليمن. ثم يمكن للمجموعات أن تقوم بتجميعها واستخدامها ويمكن لنظام الملالي أن يتظاهر بأنه لا علاقة له بالهجمات. يبدو أن الحادث الأخير قد أضرّ بالمدنيين، مما ترك تساؤلات حول ما حدث بالفعل.