إيران: 288 محاولة انتحار يومية
في 2 أغسطس/ آب، ذكرت صحيفة اعتماد اليومية أن “288 شخصًا انتحروا” في جمهورية الملالي خلال السنة التقويمية الفارسية الأخيرة وحدها، وأضافت الصحيفة: “يفقد أحد المواطنين حياته كل 16 يومًا”. ويبدو الآن أن هذا الاتجاه قد ازداد في الأشهر القليلة الماضية بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية في البلاد.
أدّى التضخم المتفشي إلى تقليص السلال الغذائية للأسر الإيرانية بشكل كبير. في 7 أغسطس/ آب، صرّح رئيس اتحاد الفواكه والخضروات، “إن مشتريات الناس من الفاكهة انخفضت بنسبة 60 بالمئة في الأيام العشرة الماضية”. في حين ذكرت وكالة أنباء إيلنا شبه الرسمية، أن “استهلاك الأسر العاملة من اللحوم الحمراء السنوي للفرد انخفض إلى أقل من 3 كجم”.
الإيرانيون يحتجّون من خلال إنهاء حياتهم
في الواقع، الشعب الإيراني ليس لديه ما يستخدمه للتنفيس عن غضبه من سوء إدارة وفشل نظام الملالي سوى حياتهم. في عام 2019، أقرّ رئيس برنامج مكافحة الانتحار بوزارة الصحة بأن حوالي 100000 شخص قد انتحروا في عام 2018 وحدها. وبحسب هذا المسؤول، ارتفع معدل الانتحار بعد ذلك من 94 إلى 125 لكل 100 ألف شخص في غضون ثلاث سنوات فقط.
في أوائل عام 2021، كشف مسؤول في الطب الشرعي عن ارتفاع معدل الانتحار بنسبة 4.2 بالمئة بين أبريل/ نسيان وأكتوبر/ تشرين الأول 2020 مقارنة بعام 2019. في سبتمبر/ أيلول 2021، أعلنت جمعية مكافحة الانتحار أن معدل الوفيات قد ارتفع من 6 إلى 7.2 شخص لكل 100000 شخص خلال العقد الماضي.
بصرف النظر عن العوامل الحيوية الأخرى، بما في ذلك على سبيل المثال لا الحصر نمو البطالة، وانخفاض دخل الأسرة، وانخفاض القوة الشرائية، وتضاؤل رأس المال الاجتماعي، واضطراب الثقة العامة، والاضطرابات الاجتماعية والسياسية المستمرة، أنهى 288 امرأة ورجل على الأقل حياتهم في جميع أنحاء البلاد، وذلك بناءً على الإحصائيات السابقة.
في الحقيقة، الوضع أسوأ بكثير لأن العديد من المحاولات لا تسبب الموت الفوري. على سبيل المثال، من المحتمل أن يفقد أولئك الذين يستخدمون أقراصًا سامة أو يقفزون من المباني الشاهقة أو يشنقون أنفسهم أو يطلقون النار على أنفسهم، حياتهم في نفس اللحظة، لكن القليل منهم ينجو.
من بين جميع طرق الانتحار، فإن التضحية بالنفس هي أكثر الطرق إيلامًا. يصف علماء النفس واختصاصيو العلوم السلوكية التضحية بالنفس على أنها احتجاج اجتماعي. فقد أدّى الاحتجاج على نظام الحكم برمته إلى خيبة أمل مطلقة تجاه المستقبل وبدد آمال المواطنين في حياة أفضل.
والجدير بالذكر أن المعلومات الديموغرافية كشفت أن 27 بالمئة من حالات الانتحار في إيران تتم عن طريق التضحية بالنفس. 71 بالمئة من الضحايا من الإناث، ويبلغ متوسط أعمارهم 29 عام. وفي هذا الصدد، كتبت صحيفة اعتماد الحكومية، “ينبغي على العديد من المسؤولين أن يحاسبوا على تضحية النساء والرجال الإيرانيين بالنفس، سواء أمام ضميرهم أو أمام الأمة!”
ثمانية عمال يضحون بأنفسهم خلال 70 يومًا
في الأيام السبعين الماضية، قام ثمانية عمال بإحراق أنفسهم في أعقاب فصلهم من عملهم، أو عدم وضوح عقود العمل، أو عدم القدرة تحمل النفقات المعيشية. في الوقت نفسه، واصل مئات الآلاف من العمال والمتقاعدين والمدرسين وغيرهم من المعالين الاحتجاجات على رواتبهم المتأخرة. هذا في حين أن أجورهم لم يتم تعديلها بعد وفقًا لمعدل التضخم المتصاعد.
في 22 مايو/ أيار، تم العثور على أحد العمال المتعاقدين في مصنع لصناعة التبغ في مدينة جرجان بمحافظة کلستان ، شمالي البلاد، وهو يضحي بنفسه خارج مكتب المصنع. كما أعلن رئيس الطوارئ بالمقاطعة أن الضحية رجل يبلغ من العمر 50 عامًا ويعاني من حروق بنسبة 60 بالمئة.
وفقًا لزملائه، كان لديه 20 عامًا من الخبرة الوظيفية في العمل كسائق شاحنة. بعد تعرضه لحادث داخل موقع المصنع، تم استدعاؤه من قبل اللجنة التأديبية ومعاقبته. وبعدها نقله مجلس الإدارة إلى قطاع آخر. قام هذا العامل الفقير بوضع البنزين على نفسه واشعل في نفسه النار، احتجاجًا على سلوك المديرين المهين.
في 23 مايو/ أيار، قام أحد موظفي مؤسسة المياه والصرف الصحي في مدينة قلعة رئيسي، بمحافظة كهكيلويه وبوير أحمد الجنوبية الغربية، بإضرام النار في نفسه.
كما صرّح العمدة المحلي، “الضحية كانت عاملة تبلغ من العمر 40 عامًا ولديها أربعة أطفال. وانتحرت احتجاجًا على رفض المنظمة دفع رواتبهم المتأخرة وتوضيح عقود عملهم ”. نقل مسؤولو الصحة الضحية إلى مستشفيات مدينتي دهدشت وشيراز. ولسوء الحظ، توفي بعد يومين على أثر شدة الحروق.
في 28 مايو/ أيار، قام أحد عملاء وزارة الصناعة والتعدين والتجارة في مدينة بام بإقليم كرمان الجنوبي الشرقي بإحراق نفسه بنفسه في مكتب الرئيس التنفيذي للوزارة. قال الرئيس التنفيذي، “الضحية كان فني إصلاح لمعدات البناء”. كان لديه مدّعٍ خاص وكان من المفترض أن تتم إحالته إلى مكتب العقوبات المحلي. لقد احتجّ على حكم المحكمة ونفذّ تهديده بالتضحية بالنفس بعد الحكم “. تم نقل الضحية إلى مستشفى محلي مصابًا بحروق بنسبة 45 بالمئة.
في 4 يونيو / حزيران، قام عامل بإحراق نفسه في ياسوج في مقاطعة كهكيلويه وبوير أحمد بسبب عدم سداد دين قيمته 100 مليون ريال [322 دولارًا]. كما توفي الزوج، وهو أب لثلاثة أولاد، متأثرًا بحروقه الشديدة.
في 9 يونيو/ حزيران، قام اثنان من العاملين في مصنع فارابي للبتروكيماويات في ماهشهر بإقليم خوزستان الجنوبي الغربي بإحراق أنفسهم احتجاجًا على الفصل. قام أرباب العمل المدعومون من الدولة بفصل العديد من العمّال ذوي الخبرة لتقليل نفقاتهم. كان لدى الضحيتين ثلاث سنوات من الخبرة الوظيفية في الموقع.
في 30 يوليو/ تمّوز، قام عامل يبلغ من العمر 30 عامًا بإحراق نفسه في هاني فان في مقاطعة إيلام الغربية بسبب معضلات معيشية، بينما بعد يوم واحد فقط، قام عامل متعاقد مع منظمة المياه والصرف الصحي في لاهيجان في مقاطعة جيلان الشمالية التضحية بالنفس خارج المنظمة.
كان قد تم بالفعل إيقافه عن العمل، ورفض المسؤولون الاستجابة لمطالبه. وصرّح الرئيس التنفيذي للمنظمة، “الضحية كان موظف كتابة الكنتور وكان قد تم إيقافه من قبل أرباب العمل قبل شهرين.”