الأوضاع المتفجرة داخل إيران ومتاجرة خامنئي بمعاناة ودماء أهالي غزة
في مواجهتهم لـ انتفاضة الشعب الإيراني التي كانت ستقتلع جذورهم من مكانها العام الماضي كان الملالي المتحكمين في إيران بالإضافة إلى القمع الداخلي بحاجةٍ إلى الأزمات وإثارة الحروب من أجل الدفع بأزماتهم إلى الخارج وصرف الأنظار عن الأوضاع المتفجرة داخل إيران.
وبينما يعاني أهالي غزة الأبرياء وخاصة النساء والأطفال من تبعات هذه الحرب ويدفعون ثمنها كان نظام ولاية الفقيه من جانبٍ يرفض تورطه تماما في مواجهة الولايات المتحدة وأوروبا والأمم المتحدة وينأى بنفسه عن الحرب في غزة ليبقى آمناً من عواقبها، ويسعى من جانبٍ آخر نحو استغلال هذه الحرب بالمكر والخداع.
ومن بين الأمور الأخرى الجارية في الداخل الإيراني تكثيف هذا النظام للمارسات القمعية وتعصيد عمليات الإعدام وإعلان النصر في حرب غزة لمنع سقوط قواه والدفع نحو الفوز بالانتخابات المقبلة.
أما في المشهد العربي وبدعاية تصم الآذان فيُظهِر نفسه على أنه مناصر للشعب المظلوم في غزة وفلسطين بالقيام بسلسلة من الأعمال الإستعراضية، لكنه حريصٌ على عدم إثارة ردود أفعال من الأطراف الأخرى وألا يُلحِق الضرر بالنظام (نظام ولاية الفقيه)، وهو في الواقع يجلس من بعيد ليشاهد سفك دماء أطفال غزة ويتمنطق بسرور عن انتصار نظامه وتشكيل شرق أوسط جديد، وهذه هي سياسة المتاجرة القذرة التي ينتهجها نظام ولاية الفقيه.
وهكذا قال المُلا أحمد خاتمي ممثل خامنئي وإمام جمعة طهران الكريه بهذا الصدد ذاته في صلاة جمعة 8 ديسمبر الاستعراضية:
“باب المندب في أيدي الحوثيين وهذا يعني فن المقاومة، والحشد الشعبي العراقي يضرب قاعدة “عين الأسد” الأمريكية، وقوى المقاومة تضرب قواعد أمريكية أخرى، وهذا يعني شرق أوسط جديد… وأقول لأمريكا لقد رأيتِ الشرق الأوسط الجديد بعينك العمياء وقد تشكل على أساس محور المقاومة”
أما نظام ولاية الفقيه فيخشى بشدة من عواقب هذه المناورات، وهذا ما أدركه بعض عناصر العصابة المهزومة داخل النظام.
يقول أحمد زيد آبادي أحد عناصر العصابة المهزومة داخل النظام في موقع “ديدار” بالـ 5 ديسمبر محذرا من إمكانية خلق دولة فلسطينية مستقلة وهو ما يعتبر بمثابة السم القاتل للمرجعية الدينية.. يقول:
“تطورات الشرق الأوسط مثل قطع الأحجية التي أُطلِقت في الهواء ثم مرة واحدة تترابط معا فجأة في موقف واحد؛ وهو الأمر الذي سيكون صادما للمسؤولين الإيرانيين ذلك لأنه بعد حرب غزة سيكون لدينا علاقات تطبيع بين الدول العربية وإسرائيل أي السعوديين، وهناك احتمالٌ لنشوء دولة فلسطينية.. ومن ثم سيشتد تطبيق الضغوط الشديدة على حزب الله وإيران، ومع هذا الوضع الداخلي وهذا المستوى من الاستياء، والضغط الذي يمكن أن يجعل الوضع وخيماً للغاية، وعليه يجب على هذا النظام أن يفكر في الأمر.
… إننا نواجه ظروفاً مرعبةً جداً، وأسوأ شيء يضرب به المثل في تاريخنا هي الحملات المغولية؛ ستأتي ظروفاً تكون فيها الحملات المغولية شيئاً بسيطاً، لن يكون هناك شعوراً بالأمان.. إنه أمرٌ مُرعب، وللأسف لا أحد يأخذ الأمر على محمل الجد، الجميع يفهمون أنه من الممكن أن يحدث لكنهم لا يأخذونه على محمل الجد.. هذه مصيبة، وهذا ما يمكن قوله عن المستقبل.”.
طريق الحل:
لا ينبغي السماح للملالي بالاستفادة من معاناة ودماء شعب غزة المظلوم لصالحهم الخاص.. ولقد أظهر الشعب الإيراني في انتفاضات السنوات الأخيرة أنه يريد إزالة نظام ولاية الفقيه وإقامة جمهورية ديمقراطية في إيران.. جمهورية تكُف عن إثارة الحروب والتدخل في شؤون البلدان الأخرى، وتطالب بروابط السلام والصداقة والتقدم في المنطقة، ولقد أدت وبكل أسف سياسة مهادنة واسترضاء الدول الغربية والعربية طيلة العقود الأخيرة مع النظام الإيراني إلى تشجيع الملالي أكثر فأكثر على التدخل في المنطقة وإلى قمع الاحتجاجات الشعبية في الداخل الإيراني أيضاً.
إن دعم الشعب والمقاومة الإيرانيين هو بمثابة ضرب رأس أفعى التدخل في المنطقة، ويُدرك النظام تماما أنه على الرغم من الاستياء الشديد للمجتمع الإيراني والنفور الواسع من جرائمه في المنطقة، وما لم تكن هناك مُعارضةٌ على المستوى الوطني منظمةٌ قادرة على مواصلة الاحتجاجات فإن ذلك ضمان استمرارية حكم نظام الكلالي ومواصلة تدخلاته المخادعة في المنطقة وسيسيطر على المزيد من العواصم العربية، لذا فإنه يتوجب على كل من يريد السلام والأمان في هذه المنطقة من العالم أن يتكاتف يداً بيد مع الشعب الإيراني ومقاومته حتى يتمكن الشعب الإيراني من الحد من شر هذا النظام في المنطقة، وبخلاف ذلك فإن النظام المُتحكم في إيران سيقوم كل يوم بالمزيد والمزيد من الترويج للحروب.
الكاتب : علي نريماني