الإعدام: أداة بقاء النظام في ظل ولاية الفقيه

نظام مير محمدي
محام وكاتب حقوقي وخبير في الشأن الإيراني
تصعيد القمع السياسي في إيران
يُظهر تصعيد القمع السياسي في إيران، خاصة داخل السجون، جهود النظام الإيراني المنهجية لتعزيز سلطته واستمرار بقائه عبر الترهيب والقضاء على المعارضين. ووفقًا لبيان صادر عن اللجنة الألمانية للتضامن مع الشعب الإيراني، “أصدر النظام الإيراني مؤخرًا أحكامًا بالإعدام بحق ما لا يقل عن 15 سجينًا سياسيًا بتهمة الانتماء إلى منظمة مجاهدي خلق الإيرانية”. صدرت هذه الأحكام، التي يواجه بعض السجناء خطر تنفيذها الفوري، في ظل ظروف خضع فيها المتهمون لـ”تعذيب طويل الأمد” و”الحبس الانفرادي”، وتمت محاكمتهم في “الفرع الأول من المحكمة الثورية في الأهواز” في محاكمات وُصفت بأنها صورية. وتشمل التهم الموجهة إليهم “المحاربة”، و”الانتماء إلى منظمة مجاهدي خلق”، و”الدعاية ضد النظام”، وهي تهم وصفتها اللجنة بأنها “ملفقة”.
وفقًا لبيان صادر عن المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية بتاريخ 25 يوليو، تم تنفيذ 81 حكم إعدام في يونيو، على الرغم من تزامن ذلك مع شهر محرم (الشهر الأول في التقويم الهجري الذي يحمل أهمية كبيرة للمسلمين)، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 170% مقارنة بأحكام الإعدام المسجلة في الفترة نفسها من العام الشمسي السابق. وأضاف البيان أنه خلال عام واحد من رئاسة مسعود بزيشكيان، تم إعدام ما لا يقل عن 1459 شخصًا. تُظهر هذه الأرقام استخدامًا منهجيًا للعقوبات القاسية لإسكات المعارضين السياسيين، وهي أفعال تتعارض بشكل صارخ مع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ومبادئ الحقوق الأساسية، بما في ذلك الحق في الحياة والحق في محاكمة عادلة.
جذور القمع في تاريخ النظام
تعود جذور الأعمال القمعية إلى تاريخ وصول نظام ولاية الفقيه إلى السلطة بعد ثورة 1979. استخدم النظام الإيراني الإعدام والقمع بشكل منهجي ومؤسسي ضد المعارضين، حيث أصبحت السلطة القضائية أداة في يد ولي الفقيه للحفاظ على هيمنته. ومن الأمثلة البارزة على استخدام السلطة القضائية وأداة الإعدام، المذبحة التي طالت السجناء السياسيين في صيف عام 1988، حيث تم إعدام حوالي 30 ألف سجين سياسي في فترة قصيرة بناءً على فتوى صريحة ومكتوبة بخط يد الخميني موجهة إلى رئيس المجلس الأعلى للقضاء آنذاك، مع تعيين أشخاص عُرفوا باسم “لجنة الموت” في السجون في جميع أنحاء إيران.
مسؤولية المجتمع الدولي
تطالب اللجنة الألمانية للتضامن مع الشعب الإيراني الحكومة الألمانية والاتحاد الأوروبي ومفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان بـ”إدانة أحكام الإعدام الأخيرة والقمع الممارس ضد السجناء السياسيين علنًا”. يستند هذا الطلب إلى المبدأ الأساسي لحقوق الإنسان الذي ينص على أن “حقوق الإنسان لا يجب أن تكون ضحية المفاوضات النووية”. يجب أن تكون أي تعاون سياسي أو اقتصادي مع إيران مشروطًا بالالتزام بمعايير حقوق الإنسان.
إضافة إلى ذلك، حذر 300 خبير وحقوقي دولي في بيان بتاريخ 22 يوليو 2024 من أن النظام الإيراني على وشك تكرار مذبحة عام 1988، التي أُعدم خلالها أكثر من 30 ألف سجين سياسي، معظمهم من أعضاء منظمة مجاهدي خلق، بناءً على فتوى من روح الله الخميني. وصف تقرير المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحقوق الإنسان في إيران لشهر يوليو 2024 هذه الإعدامات خارج نطاق القضاء والاختفاء القسري بأنها جرائم مستمرة ضد الإنسانية وإبادة جماعية. ويضم الموقعون على البيان مسؤولين سابقين في الأمم المتحدة، وقضاة محاكم دولية، ورؤساء دول، ووزراء خارجية، وفائزين بجائزة نوبل، وأساتذة جامعات، وخبراء بارزين في مجال حقوق الإنسان.
أحدث جريمة صادمة للنظام
في صباح يوم الأحد 27 يوليو، قامت السلطة القضائية للنظام في عمل وحشي بإعدام اثنين من أعضاء منظمة مجاهدي خلق، بهروز إحساني (69 عامًا) ومهدي حسني (48 عامًا)، في سجن قزلحصار بكرج. كان مهدي حسني محتجزًا منذ 11 سبتمبر 2022، وبهروز إحساني منذ 6 ديسمبر من العام نفسه، وتعرضا للتعذيب والضغوط الشديدة، وحُكم عليهما بالإعدام من قبل المحكمة الثورية. تم تنفيذ هذين الإعدامين غير الإنسانيين في وقت يسعى فيه خامنئي إلى ترهيب المجتمع الإيراني الثوري لمنع انتفاضة الشعب الذي سئم الحروب والظلم والفقر والبطالة وأنواع القمع والضغوط الاجتماعية.
من الجدير بالذكر أن بهروز إحساني، بعد تلقيه حكم الإعدام، وجه رسالة شجاعة إلى الشعب الإيراني قال فيها: “لا يُتوقع من هذا النظام الإعدامي سوى هذا. أنا لا أتفاوض على حياتي مع أحد، وأنا مستعد لأن تكون حياتي الزهيدة فداءً لطريق تحرير الشعب الإيراني”.
لقد حول ولي الفقيه، الذي يسيطر بشكل كامل على السلطة القضائية، الإعدام منذ سنوات إلى أداة لاستمرار ولايته. لقد حان الوقت لأن تضع مؤسسات حقوق الإنسان والحكومات الديمقراطية حدًا لتجاهل هذه الجرائم. إن تجاهلهم يعطي الضوء الأخضر للنظام القمعي الحاكم في إيران لمواصلة القتل.
حذرت السيدة مريم رجوي، عقب هذين الإعدامين، في رسالة قائلة: “الصمت إزاء الإعدامات ليس سوى تشجيع لمزيد من الإرهاب والقمع وإشعال الحروب”. تطالب المقاومة الإيرانية بإدانة دولية لهذا الفعل وتحقيق العدالة لضحايا هذا النظام الإجرامي.
في اليوم التالي لإعدام بهروز إحساني ومهدي حسني، أعرب فولكر تورك، مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، في 28 يوليو عن قلقه إزاء زيادة أحكام الإعدام من قبل النظام الإيراني، قائلاً: “من المثير للقلق ملاحظة تقارير تفيد بوجود ما لا يقل عن 48 شخصًا في قائمة الإعدام حاليًا، ويُعتقد أن 12 منهم معرضون لخطر الإعدام الوشيك”.


