الاتحاد من أجل الحرية والديمقراطية والمساواة​

إيران واختلال الميزان الدكتور عاصم عبد الرحمن في ظل التصعيد المستمر على الساحة الدولية والإقليمية عقب الضربات الجوية الأميركية التي استهدفت المنشآت النووية في إيران، تواجه طهران ضغوطاً غير مسبوقة على قدراتها العسكرية والتقنية.

إيران واختلال الميزان

إيران واختلال الميزان

الدكتور عاصم عبد الرحمن

في ظل التصعيد المستمر على الساحة الدولية والإقليمية عقب الضربات الجوية الأميركية التي استهدفت المنشآت النووية في إيران، تواجه طهران ضغوطاً غير مسبوقة على قدراتها العسكرية والتقنية. هذا الواقع دفع النظام الإيراني إلى البحث عن وسائل بديلة للرد بحيث تمتد استراتيجياته من المواجهة التقليدية إلى تنفيذ عمليات اغتيال وتخريب خارج حدود البلاد، هذا النهج إنما يمثل محاولة لاستعادة النفوذ على الرغم من ضعف قدراته العسكرية.

التاريخ لا يمحى بالردود السرية

يعرف النظام الإيراني بسياسة الرد غير التقليدية، التي تبدأ من تقديم صواريخ استعراضية ليصل إلى تكتيكات أشد خفاءً. فبعد مقتل قائد فيلق القدس قاسم سليماني، لجأ النظام إلى تنفيذ مخططات اغتيال استهدفت شخصيات سياسية وعسكرية أميركية بارزة، مثل زوير الخارجية السابق مايك بومبيو والرئيس دونالد ترامب، الأمر الذي يوضح استمرار اعتماد النظام على العمليات السرية وشن هجمات موجعة لجس نبض خصومه.

تعدد أدوات النظام

في ظل محدودية القدرات العسكرية، توسع النظام في استخدام شبكة من وكلاء الإرهاب، والاعتماد على عصابات إجرامية دولية لتنفيذ عمليات الاغتيال والتخريب. فقد كشفت تقارير وتحقيقات عن توظيف النظام لمجموعات مثل “ملائكة الجحيم” وغيرها من العصابات، وذلك في محاولات استهداف معارضين داخل إيران وخارجها، ما يعكس محاولة متعمدة للالتفاف على العقوبات وتعقيد مهمة الخصوم في التعامل مع هذه التهديدات.

التحديات الأمنية وضعف الإمكانات

على الرغم من إحباط العديد من العمليات الإرهابية عقب الضربات، يبقى النظام متمسكاً بهذه السياسة لدرجة تعكس ضعفًا واضحًا في الوصول إلى ردود فعل تقليدية. إلى جانب ذلك، تظهر جهود استخباراتية متواضعة، لاسيما مع توقيف عملاء إيرانيين في دول مثل قبرص وبريطانيا والولايات المتحدة، تكشف مستوى هشاشة شبكة النظام الأمنية.

تبعات سياسة الاسترضاء والغموض الغربي

مشكلة أخرى تعوق وقف هذا النهج الإيراني الخطير، هي المواقف الغربية التي اتسمت أحياناً بالمهادنة السياسية، أو الدفع بأثمان مقابل الإفراج عن رهائن أو مبررات اقتصادية، ما أعطى النظام فرصة للتمادي في تصعيد سياساته العدوانية، والتمسك باستراتيجية الإرهاب كوسيلة ضغط، بخاصة حين يشعر بالضعف العسكري.

المقاومة المنظمة كبديل استراتيجي

في مواجهة هذه التحديات، يتجلى على الساحة الإيرانية بديل سياسي واضح يتمثل في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية بقيادة السيدة مريم رجوي، الذي يجمع بين الحراك الشعبي والتنظيم السياسي. هذا المجلس يقدّم رؤية مستقبلية تقوم على الديمقراطية، والحرية، والمساواة، ورفض القمع والإرهاب. هو القوة التي تملك الخبرة والبرنامج السياسي لبناء إيران جديدة ونبذ سياسات العنف والتخريب.

إن دعم هذا البديل، والاعتراف به كجزء ديمقراطي أساس من الحل الدولي لإنهاء الإرهاب، هو الخطوة الحاسمة التي يجب أن تتخذها الدول. فالانفتاح على دعم المقاومة، ووقف ضخ الأوكسيجين في شرايين النظام الإيراني سيقلل من قدرة طهران على تصعيد التوترات والحفاظ على أدواتها المدمرة.

يواجه العالم اليوم إذاً، خياراً واضحاً بين دعم السلام والديمقراطية أو الاستمرار في سياسات تؤدي إلى مزيد من الاستنزاف والتوتر والتوسع العدواني الذي يمثله النظام الإيراني، لا سيما تأجيج الصراعات المذهبية التي من شأنها أن تشعل صراعاً مجهول المسار والمصير.