لماذا لا تنجح الإجراءات القمعية في إنقاذ نظام الملالي؟
زاد نظام الملالي من إجراءاته القمعية في الأشهر الماضية
شهدت الأشهر الأخيرة زيادة مقلقة في عدد الإعدامات في إيران، وهو ما كان متوقعًا تحت رئاسة إبراهيم رئيسي، الرجل المعروف في إيران بـ “الجزّار” بسبب دوره المحوري في مذبحة 30000 سجين سياسي في إيران عام 1988.
وفقًا لجاويد رحمن، المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحالة حقوق الإنسان في إيران، أن نظام الملالي قام بتنفيذ ما لا يقل عن 275 عملية إعدام في عام 2021. في الوقت نفسه، ارتفع أيضًا عدد الوفيات في سجون إيران بشكل ملحوظ. حيث تمارس السلطات ضغوطًا على السجناء بحرمانهم من الرعاية الصحية والمرافق الأساسية، وغير ذلك.
في غضون ذلك، كثفّت القوات الأمنية من قمعها للسكان، واعتقلت المتظاهرين، وقامت بإذلال الشباب في الأماكن العامة، وهدمت منازل الفقراء والمتاجر المؤقتة للباعة الجائلين.
وفي الآونة الأخيرة، لجأ النظام إلى اعتقال ومحاكمة الأشخاص الذين شاركوا في احتجاجات نوفمبر/ تشرين الثاني 2019 وأفراد عائلاتهم. وفي تحركه الأخير نحو قمع الحرية، اتخذّ النظام الخطوة الأولى للرقابة الكاملة على خدمات الإنترنت وخدمات الأونلاين.
من الواضح أن تزايد العنف والقمع يعكس عجز النظام عن تلبية الاحتياجات الأساسية للشعب والمجتمع.
الحقيقة هي أن النظام عالق في مأزق على جبهات عدّة، وهي حقيقة تقرّ بها حتى وسائل الإعلام الحكومية. الاقتصاد الإيراني في أسوأ حالته منذ استيلاء الملالي على السلطة عام 1979.
على الصعيد النووي، وصل إلى طريق مسدود. من ناحية، فهو في أمسّ الحاجة إلى تخفيف العقوبات، ومن ناحية أخرى، ليس لديه أي مجال لتقديم تنازلات بشأن برنامجه النووي.
في الوقت نفسه، يتضاءل نفوذ النظام في الشرق الأوسط حيث يواجه مقاومة متزايدة من ملايين الأشخاص الذين سئموا تدخل نظام الملالي في بلادهم.
والأهم من ذلك، أن النظام خائف للغاية من المجتمع الإيراني المضطرب ومن تنامي قوة المقاومة الإيرانية. حيث كثفّت وحدات المقاومة، منظمة مجاهدي خلق الإيرانية، نشاطها في الأشهر الماضية، مما أثار القلق والخوف بين مسؤولي النظام وقياداته.
في الآونة الأخيرة، أصبحت الاحتجاجات أكبر حجمًا وأكثر تكرارًا وأكثر تنظيمًا. حيث ينظّم المزارعون والمعلمون والعمال والممرضات والمتقاعدون والأشخاص من جميع مناحي الحياة وشرائح المجتمع حركات احتجاجية، ومع مرور كل يوم، أصبحت شعاراتهم ذات طابع سياسي وموجهة نحو رؤساء الدولة الفاسدين. ومن الأمثلة الواضحة على ذلك، الوقفات الاحتجاجية الأخيرة للمعلمين، والتي خاطبوا فيها إبراهيم رئيسي ورئيس برلمان النظام، محمد باقر قاليباف وهتفوا “رئيسي، قاليباف! هذا هو التحذير الأخير. حركة المعلمين جاهزة لانتفاضة”.
في غضون ذلك، نشهد تحولًا في بنية المجتمع الإيراني. لقد تم القضاء على الطبقة الوسطى، التي تمثل العمود الفقري للمجتمع، وتم دمجها في الشرائح الفقيرة من المواطنين، ولهذا انضمّ المعلمون والأطباء والمتدربون الطبيون والممرضات أيضًا إلى الاحتجاجات.
في ظل هذه الظروف، ليس من المستغرب أن يكون النظام قد شددّ إجراءاته القمعية. لكن العنف والقمع، وهما أداتا القوة الرئيسية للنظام في العقود الأربعة الماضية، يفقدان كفاءتهما بشكل سريع. وهذا يفسّر سبب استمرار تزايد الاحتجاجات من حيث العدد والحجم. وأصبح عدم استقرار النظام أكثر وضوحًا مع استمرار الخلاف بين مسؤولي النظام حول كيفية السيطرة على المجتمع.
في الجلسات الأخيرة في مجلس نواب النظام حول قانون الرقابة على الإنترنت، حذرّ أحد النواب من أنه بالتصديق على مشروع القانون، “سوف تدمر برلمان النظام وتثير أعصاب المجتمع”. وقال نائب آخر: لماذا نحاول تدمير أنفسنا. بينما حذرّ آخرون من أنه إذا لم يتم التحكم في الإنترنت، فإن منظمة مجاهدي خلق “ستدمر الحكومة والمجلس”. كما حذرّ آخرون من تنامي الاضطراب في المجتمع الإيراني ووجود قوات الأمن في كل زاوية. ولاحظت صحيفة مردم سالاري الحكومية أن “الخوف من الناس والغباء الشديد يتجلى في معارضة الإنترنت.”