ما تحتاج لمعرفته حول أزمة هبوط الأراضي في إيران
أدى هبوط الأراضي في العاصمة طهران إلى حادث كبير في شبكة مترو الأنفاق بالمدينة في يونيو/ حزيران 2016
تغير المناخ والإجهاد المائي والأزمات البيئية الأخرى تهدد كوكبنا بشكل كبير. في حين أن هناك تهديدات محتملة لمشاكل بيئية في العديد من البلدان، فإن إيران، في ظل نظام الملالي، على بعد خطوة واحدة من حدوث كارثة بيئية.
فإلى جانب النوم بمعدة فارغة وتحمل القمع الممنهج للنظام، تسبب الخوف من الموت نتيجة لهبوط الأرض إلى تفاقم حالة البؤس والقلق لدى المواطنين.
يحذر العديد من دعاة حماية البيئة الإيرانيين من الهبوط وأن العديد من المدن الإيرانية على وشك الانهيار التام.
نتيجة للإجهاد المائي، كان هبوط الأراضي في إيران هو الأزمة البيئية الأهم في البلاد في السنوات الأخيرة.
إيران هي واحدة من البلدان التي لديها أعلى معدلات لهبوط الأراضي في العالم، فقد وصلت معدلات هبوط الأراضي إلى أكثر من تسعين مرة مقارنة بالدول المتقدمة. وصل الوضع إلى نقطة حيث تعترف وسائل الإعلام الحكومية ومسؤولو نظام الملالي بتلك الحقائق المروّعة.
حسبما أفادت صحيفة تجارت نيوز الحكومية في 16 أكتوبر / تشرين الأول 2021 “وفقًا للسيد علي بيت اللهی، مدير مركز أبحاث الطرق والإسكان والتنمية الحضرية، تمتلك إيران رابع أكبر معدل للهبوط الأرضي في العالم. وأضاف إن لدينا أقل من 10 سنوات لوصول جميع السهول في إيران إلى حالة غير خطيرة من الهبوط، كما أن خطر حدوث ذلك في أصفهان أعلى بكثير منه في المدن الأخرى.”
ومن الجدير بالذكر أن هيئة المسح الجيولوجي الإيرانية ذكرت في أوائل عام 2021 أنه من بين 609 سهل في إيران، يوجد حوالي 500 بها مياه عذبة، وجميعهم يواجهون حالة من الهبوط. وفي أصفهان، تغلغل الهبوط في المدينة بشكل غير مسبوق.
في سبتمبر/ أيلول، أظهر مقطع فيديو من جنوب أصفهان حفرًا عميقة، وصلت أعماقها أحيانًا إلى 12 مترًا. هذه الحفر قريبة من سكة حديد أصفهان – شيراز وتشكل خطرًا وشيكًا على قطارات الركاب.
في 17 مايو/ أيار، نقلت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية شبه الرسمية عن حاكم أصفهان، الذي أقرّ بأنه “تم إخلاء أكثر من 100 مدرسة وإغلاقها العام الماضي بسبب تهديد هبوط الأرض”.
لكن هذه المشكلة لا تقتصر على أصفهان.
في 16 أبريل/ نيسان 2022، نقلت وکالة “صنایع” الحكومية عن علي رضا شهيدي، رئيس هيئة الجيولوجيا والتنقيب عن المعادن في إيران، وصفه لما أسماه “الزلزال الصامت” و “كارثة” هبوط الأرض. كما حذرّ من عواقبها “الأمنية”، أو بعبارة أخرى، رد فعل المواطنين.
وفي 8 مايو/ أيار كتب موقع فرارو الحكومي “إن هبوط الأراضي في إيران هو أكثر من خمسة أضعاف المتوسط العالمي. حوالي ثمانية ملايين وحدة سكنية في جميع أنحاء البلاد في مناطق هبوط معرضة للخطر.”
وأضاف الموقع أن “هبوط الأرض يحدث في معظم المقاطعات، ومقاطعة جيلان فقط هي استثناء. في المقاطعات الشمالية الأخرى من البلاد، مثل مازندان وكلستان، يمكننا رؤية الهبوط، بينما المقاطعات الجنوبية الغربية لديها قلق مفرط من حدوث هبوط الأراضي.”
ونقلت وكالة مهر الحكومية للأنباء عن مهدي عباسي، رئيس لجنة التخطيط العمراني التابعة للمجلس الإسلامي لمدينة طهران، قوله يوم 18 مايو/ أيار”الهبوط في طهران قضية خطيرة وأكثر شيوعًا وأهمية في جنوب غرب طهران العاصمة، حيث أن هذه الظاهرة من شأنها أن تلحق الضرر بالآثار المجاورة للانهيارات الأرضية”
في 1 يوليو/ تموز، حذرّت مجموعة معامل إنتل البحثية أيضًا من هبوط أرضي كبير في العاصمة طهران ووصفته بأنه “قنبلة موقوتة صامتة”. أثناء عرض بعض صور الأقمار الصناعية، أكدّت معامل إنتل البحثية أن الهبوط الأرضي “يضرب الآن مدينة طهران نفسها على مدار السنوات الماضية، مما يعرض للخطر عددًا متزايدًا من السكان يبلغ 13 مليون نسمة وبنيتها التحتية الحيوية”.
كما أكدّت معامل إنتل البحثية أن “الاستخراج المفرط للمياه الجوفية تسبب في هبوط الأرض بمعدل يصل إلى 25 سم في السنة في بعض المناطق”.
ما المقصود بهبوط الأرض وما أسبابه؟
الهبوط هو مصطلح عام للحركة الرأسية لسطح الأرض، والتي يمكن أن تحدث نتيجة لأسباب طبيعية أوأنشطة بشرية.
يحدث الهبوط عندما يتم استخراج المياه الجوفية بشكل غير صحيح، وتصبح تجاويف تخزين المياه مجرد فراغات. وبمرور الوقت، مع انضغاط طبقات الأرض العليا، تجف تلك الفراغات والمسام. وعندما تقل المياه في مسام الأرض بسبب الاستهلاك المفرط وحفر الآبار التي لا تعد ولا تحصى، يتم ضغط حبيبات التربة معًا.
لوحظت هذه الظاهرة لأول مرة في شنغهاي، الصين، في عام 1921. بعد الحرب العالمية الثانية، تفاقمت المشكلة بسبب الاستخراج السريع للمياه والنفط والغاز من الطبقات الدنيا، وخاصة الطبقات الحبيبية.
لماذا تتزايد معدلات الهبوط في إيران؟
وبحسب تصريحات علي رضا شهيدي، فإن الوصول إلى الموارد المائية في جميع أنحاء العالم يتراوح بين ثلاثة و20 بالمئة، وعندما يصل إلى 40 إلى 60 بالمئة، يتم تصنيفه على أنه إجهاد مائي، وما بين 60 إلى 80 بالمئة فإن هذا يمثل أزمة حقيقية. في إيران، تصل النسبة أحيانًا إلى أكثر من 80 بالمئة. لقد قدنا البلاد عن قصد أو عن غير قصد إلى الدمار”.
يعتمد اقتصاد إيران على النفط. منذ اختطاف الثورة المناهضة للشاه في عام 1979، اعتمدت الثيوقراطية الحاكمة في إيران اعتمادًا كبيرًا على تصدير النفط والغاز. لكن عائدات الثروة الوطنية الإيرانية تبددت على الإرهاب والقمع. قام نظام الملالي بتسريع استخراج النفط والغاز دون تحسين البنى التحتية ليوفر دائمًا أموالًا لمرتزقته وأنشطته غير المشروعة. نتيجة لذلك، ساهم الاستخراج المتزايد للنفط والغاز الطبيعي دون النظر إلى عواقبه البيئية في ظهور ونمو الهبوط.
إلى جانب ذلك، فإن أحد الأسباب الرئيسية لأزمة المياه في إيران هو بناء سدود غير علمية من قوات حرس نظام الملالي وشركاته الأمامية. تعمل قوات حرس نظام الملالي على استخدام هذه السدود لأغراض عسكرية وخدمة مصانعه. بالإضافة إلى ذلك، تقوم قوات الحرس بحفر آبار عميقة. قبل ثورة 1979، كان هناك 36000 بئر فقط في إيران. لكن التقارير الرسمية في عام 2015 تشير إلى وجود ما لا يقل عن 794 ألف بئر في جميع أنحاء البلاد.
تخضع إدارة المياه الجوفية في إيران لوزارة الطاقة وإدارة المياه السطحية في البلاد تحت سيطرة قوات حرس نظام الملالي. من خلال ملكية جميع المياه السطحية والجوفية للبلاد، وحفر الآبار، وبناء السدود، احتكرت هاتان المؤسستان المياه بشكل كبير.
في عام 2018، أكدّت صحيفة نيويورك تايمز أن “25 بالمئة من إجمالي المياه المسحوبة من طبقات المياه الجوفية والأنهار والبحيرات يتجاوز الكمية التي يمكن تعويضها”.
نتيجة للسياسات الهدامة لنظام الملالي، باتت إيران على شفا كارثة حقيقية. إن المواقع التاريخية الإيرانية في مدن مثل أصفهان وشيراز على وشك الانهيار. وبحسب وكالة أنباء إيرنا الرسمية في عام 2021 فإن “الهبوط في البلاد يبدأ من 25 سم ويصل إلى مترين إلى ثلاثة أمتار”.
تعرض هذه الظاهرة حياة ملايين الإيرانيين للخطر، وسرعان ما ستصبح مئات المدن الإيرانية غير صالحة للسكن.
ماهو الحل؟
افترض أن هناك حكومة في إيران تهتم بشعبها. ثم، هناك بالفعل العديد من الحلول لأزمة هبوط الأرض. تتضمن بعض الخطوات العملية التي يمكن أن تقلل من مخاطر الهبوط الشديد للأرض ما يلي:
• حقن المياه الزائدة على سطح الأرض في طبقات المياه الجوفية.
• الاستخدام السليم والفعّال لموارد المياه مع أساليب الري المحسنة، مثل استخدام طرق الري بالتنقيط أو الرش أو تحسين زراعة المحاصيل التي تتطلب القليل من الري.
• حظر الاستخدام المفرط لأحواض المياه الجوفية.
• معالجة المياه في المناطق الحضرية وإعادة استخدامها في المصانع.
• تقليص الصناعات التي تتطلب كميات كبيرة من المياه للعمل.
• حفر الآبار التي يمكن أن تخزن المياه الزائدة على الأرض. و
• الرقابة القانونية على موارد المياه.
لكن هذه الإجراءات تتعارض بشكل صارخ مع هدف النظام. بالنظر إلى أن الأولوية الأولى للنظام هي الحفاظ على بقائه، فإن اتخاذ تدابير لإنقاذ البيئة ومعالجة مشكلة الهبوط هو البند الأخير في جدول أعماله.