مؤشر حالة البؤس في إيران– ففي عام 2013، وأثناء الحملة الانتخابية الرئاسية في إيران، وعد حسن روحاني، الذي كان في ذلك الوقت يخوض الانتخابات الرئاسية، بخلق طفرة اقتصادية لن يحتاج الناس بعد إلى دعم مالي بلغ 45 ألف وخمس مائة تومان
ولقد أعطت هذه الوعود الناس قدراً أعظم من الشعور بالرفاهية. وحتى بعد أن أصبح روحاني رئيساً للبلاد لمدة ثماني سنوات الآن، بذل مراراً وتكراراً وعوداً بتحقيق قدر أعظم من الازدهار للشعب، وحتى عندما أعلن في سبتمبر/أيلول 2019 أنه “كممثل للأمة الإيرانية، فأنا مستعد لأي تضحية، وهي تضحية تؤدي إلى إعمال حقوق الشعب والتضحية التي تؤدي إلى رفاهة الشعب”.
والآن، وبعد مرور مائة يوم فقط على ولاية حكومة الحكمة والأمل التي دامت ثماني سنوات، فمن الأفضل أن نجيب على التساؤل حول ما إذا كان هذا الوعد بتحقيق الرفاهة قد تحقق؟ وأبسط طريقة لإثبات ذلك هي الإحصاءات الاقتصادية المستخدمة لهذا الغرض.
في الاقتصاد، تشكل ثلاثة معدلات أهمية بالغة، ومن خلال دراسة هذه المعدلات الثلاثة، يستطيع المرء أن يحصل على نظرة عامة على الاقتصاد. وهذه المعدلات الثلاثة هي: معدل النمو الاقتصادي، ومعدل البطالة، ومعدل التضخم.
بيد أن معدلا البطالة والتضخم هما أكثر أهمية بالنسبة للناس لأنهم، أولا، يشعرون بزيادتها وتنقصها يوميا، وثانيا، يمكن أن يكون لتغييراتهما أثر كبير على حياتهم. وعلى هذا، ونظراً لأهمية هذين المعدلين، فقد استخدم آرثر ميلفين أوكون هذين المعدلين الاقتصاديين في أوائل سبعينيات القرن العشرين لإنشاء مؤشر يطلق عليه مؤشر البؤس.
وهذا المؤشر، كما يوحي اسمه وطريقة حسابه، لا يشير إلى أحداث إيجابية وواعدة في الاقتصاد. وفي السنوات اللاحقة، حاول خبراء اقتصاد مثل روبرت بارو، وستيف هانك، وغيرهم، حساب مؤشر البؤس بشكل أكثر دقة من خلال إضافة متغيرات أخرى مثل الناتج المحلي الإجمالي، ومعدل نمو نصيب الفرد في الناتج المحلي الإجمالي، وأسعار الفائدة، وتضخم المساكن.
وبما أنه مع ارتفاع مستوى مؤشر البؤس، فإن رفاه المجتمع يتأثر بشكل مباشر، فإن هذا المؤشر يمكن اعتباره أحد أهم المعايير لقياس أداء الحكومات وبقائها.
وكلما انخفضت القيمة الرقمية لهذا المؤشر، كلما تعاظمت رفاهية الناس، وهذا يشير إلى الأداء الأفضل للحكومات. وعلى العكس من ذلك، كلما ارتفعت القيمة العددية لهذا المؤشر، كان ذلك يعني انخفاض مستوى رفاه الشعب. ونتيجة لهذا فإن أداء الحكومات في مثل هذه الحالات سوف يكون موضع تشكيك.
ويبين الجدول أدناه مؤشر حالة البؤس في إيران من عام 1997 إلى صيف عام 2020. وكما يتضح من الجدول أدناه، فإن مؤشر البؤس في عام 2013، عندما تولت حكومة روحاني رئاسة الفرع التنفيذي، كان نحو 43,2%.
وقد بلغ هذا المؤشر 46% بحلول نهاية عام 2020. أو بعبارة أخرى، وفقاً لمؤشر البؤس، فإن رفاهة الناس تضاءلت في هذه السنوات، على الرغم من كل الوعود التي بذله النظام لتحقيق قدر أعظم من الرفاهية. وهذا الرقم يسجل رقما قياسيا خلال هذه الفترة من 23 عاما.
كان السبب الرئيسي وراء ارتفاع مؤشر البؤس في الأعوام الأخيرة هو الاتجاه الصاعد الرهيب للتضخم. والتضخم الناتج عن فساد النظام والإنفاق الزائد عن الحد على مشاريعه النووية والصاروخية والتدخل في الشرق الأوسط.
وفي نهاية المطاف، لجأت الحكومة إلى طباعة النقود والسيولة المتنامية للهروب من مأزقها، الأمر الذي أدى إلى المزيد من التضخم والقفزة اللاحقة في مؤشر البؤس.
إن رفاه الشعب الإيراني ليس جيدا هذه الأيام، ولم يتم الوفاء بالوعود التي بُذلت لزيادة مستوى الرفاهية والآن يزعم المسؤولون الحكوميون على نحو سخيف ويسعدهم أنهم لم يسمحوا للمجاعة بالاندلاع في البلاد.
والسبيل الوحيد أمام الحكومة القادمة للتخلص من هذه الكارثة هو وقف كل برامجها الصاروخية والنووية وتدخلها في المنطقة ثم يتعين عليها أن تقدم برنامجاً لزيادة رفاهة الناس، من خلال السيطرة على التضخم وخفض معدل البطالة، وإلا فإنها سوف تواجه غضب الناس. ولكن كما أظهرت التجربة على مدى السنوات الأربعين الماضية، فإن هذا الطريق مستحيل بالنسبة للنظام.