اتفاق أو لا اتفاق، في كلتا الحالتين سوف تزداد الأزمات الإيرانية سوءًا
الدكتور مجيد رفيع زاده
ممثلون من إيران والاتحاد الأوروبي يحضرون اجتماع اللجنة المشتركة للمفاوضات الهادفة إلى إحياء الاتفاق النووي الإيراني في فيينا، النمسا (صورة أرشيفية / وكالة الصحافة الفرنسية)
لا شك أن أي إحياء للاتفاق النووي لخطة العمل الشاملة المشتركة سيوفر لنظام الملالي مزايا مالية هو في أمس الحاجة إليها.
ستساعد تلك الاتفاقية النظام على إعادة الاندماج في النظام المالي العالمي وتعالج جزئيًا أحد أسوأ فترات عجز الميزانية منذ توليه السلطة في عام 1979. تشير التقديرات إلى أن نظام الملالي يعاني من عجز قدره مليار دولار شهريًا، وبدون إحياء الاتفاق النووي، سيؤدي ذلك إلى زيادة التضخم بشكل كبير وتقليل قيمة العملة الإيرانية.
سيساعد الاتفاق النووي أيضًا وكلاء النظام بشكل غير مباشر، حيث يعاني النظام من مشاكل تمويل كبيرة لميليشياته وجماعاته الإرهابية في جميع أنحاء المنطقة. وقد وجّه زعيم حزب الله حسن نصر الله في السابق نداءًا علنيًا لتقديم تبرعات للجماعة، قائلاً: “إن قوائم العقوبات والإرهاب هي شكل من أشكال الحرب ضد المقاومة وعلينا التعامل معها على هذا النحو. أعلن اليوم أننا بحاجة إلى دعم قاعدتنا الشعبية، وهي مسؤولية المقاومة اللبنانية وقاعدتها الشعبية ومحيطها (محاربة هذه الإجراءات) “.
ولا يخفى على أحد أن نظام الملالي الذي يعاني من ضائقة مالية شديدة، في حالة من اليأس لرؤية رفع العقوبات وتدفق مليارات الدولارات على خزينته مرة أخرى. وسيتيح ذلك له توفير إيرادات لقوات حرس نظام الملالي وتصعيد مغامراته العسكرية ومشاريعه في المنطقة، والتي تشمل تمويل وتسليح الجماعات الإرهابية والميليشيات في لبنان والعراق وسوريا واليمن. ومع ذلك، سيكون من الخطأ القول إن إحياء الاتفاق النووي سيحل المشاكل الأساسية لنظام الملالي.
تغير المشهد الاجتماعي والاقتصادي والسياسي في إيران بشكل كبير منذ عام 2015، عندما تم التوصل إلى الاتفاقية النووية لأول مرة مع المملكة المتحدة والصين وروسيا وفرنسا والولايات المتحدة وألمانيا. وفي الشرق الأوسط. قبل ست سنوات، وعد ما يسمونه بالرئيس المعتدل حسن روحاني بتحسين الأوضاع الاقتصادية للناس من خلال الاتفاق النووي وتطبيع العلاقات مع بقية العالم. أعطى الكثير من الناس فرصة لإدارة روحاني، لكن سرعان ما أدركوا أن الصفقة لم تساعد الناس العاديين أو تغير سلوك النظام المزعزع للاستقرار في المنطقة.
وازدادت الاحتجاجات ضد النظام في السنوات الأخيرة، حيث قُتل آلاف المتظاهرين على يد قوات حرس نظام الملالي.ووفقًا لمنظمة العفو الدولية، تورطت أفرع مختلفة من حكومة الملالي في هذه الانتهاكات والجرائم.
“ارتكبت شرطة الملالي وقوات الاستخبارات والأمن ومسؤولو السجون، بالتواطؤ مع القضاة والمدعين العامين، عددًا من الانتهاكات المروعة لحقوق الإنسان، بما في ذلك الاحتجاز التعسفي والاختفاء القسري والتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة بحق المحتجزين”.
على الرغم من نشر النظام للقوة الغاشمة، إلا أن الإحباط والغضب العميق الذي يتقاسمه الكثيرون في البلاد مستمر في التصاعد، ولن يختفي هذا السخط حتى لو تم التوصل إلى اتفاق نووي.
أولاً، المشاكل الاقتصادية في إيران ناتجة عن النظام المالي الفاسد في البلاد. إن أزمة العملة الحالية ليست حالة شاذة: فقد انخفضت قيمة الريال بشكل مستمر تقريبًا على مدار الأربعين عامًا الماضية – من سعر الدولار البالغ 70 ريال في عام 1979 إلى أقل من 292.000 اعتبارًا من الأسبوع الماضي. وسيستمر هذا الاتجاه طالما فشل نظام الملالي في معالجة الفساد المستشري في البلاد، فقد تم تصميم النظام المالي لإفادة المسؤولين ومن هم في القمة بدلاً من الأشخاص العاديين.
ثانيًا، يحتاج نظام الملالي إلى جذب الاستثمار الأجنبي لمعالجة مشاكله المالية. ولكن حتى مع إحياء الاتفاق النووي، ستكون الشركات المحلية والشركات الغربية حذرة للغاية وستعطي الأولوية للاستقرار السياسي والاقتصادي لاستثماراتها. ماذا لو انهار الاتفاق النووي مرة أخرى؟
ثالثًا، حتى مع وجود الصفقة النووية، لا يزال بإمكان الكونغرس الأمريكي فرض عقوبات على نظام الملالي والمنظمات الحكومية والأفراد التابعين له بسبب انتهاكات حقوق الإنسان أو الإرهاب.
رابعًا، لن تكون إدارة بايدن قادرة على رفع الكثير من العقوبات التي تم فرضها في عهد الإدارة الأمريكية السابقة، نظرًا لأنها حصلت على أغلبية ساحقة في الكونغرس الأمريكي، بدعم من كلا الفصيلين.
جاءت بعض أهم القيود المفروضة على نظام الملالي من خلال قانون مواجهة أعداء أمريكا من خلال العقوبات لعام 2017، وهي مبادرة رئيسية ضد نظام الملالي ومن المرجح أن تستمر في تشكيل ضربة قوية للنظام.
بشكل عام، ستزداد الأزمة الأساسية لنظام الملالي سوءًا حتى لو تم التوصل إلى اتفاق نووي مع القوى العالمية.
• الدكتور مجيد رفيع زاده، عالم سياسي إيراني أمريكي تلقى تعليمه في جامعة هارفارد.
المصدر: ARABNEWS