التحدي النووي لنظام الملالي، مجرد حيلة لكسب الوقت
تقترب المفاوضات بشأن إعادة تنفيذ الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015 من نهاية جولتها الثامنة في فيينا. توقفت المحادثات لمدة خمسة أشهر بعد تعيين المرشد الأعلى علي خامنئي لإبراهيم رئيسي على رأس النظام، وتم استئناف المحادثات في نهاية نوفمبر / تشرين الثاني مع مطالب أكثر حزماً مما كانوا قد تقدموا به في ظل الإدارة السابقة (إدارة روحاني). وانتهت الجولة السابعة من المحادثات في منتصف ديسمبر/ كانون الأول دون تقدم يذكر، وبدأت الجولة الثامنة بجدول زمني متسارع قبل حلول العام الجديد.
لا تزال معظم الأطراف في تلك المحادثات تحاول الترويج لنظرة متفائلة بشأن الحل المحتمل للأزمة التي تراكمت منذ عام 2018 عندما انسحبت الولايات المتحدة من خطة العمل الشاملة المشتركة. ومع ذلك، تشير تصريحات عامة مختلفة إلى أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة بين مطالب نظام الملالي وأي مقترحات يمكن اعتبارها مقبولة للولايات المتحدة أو حلفائها. كما صرّح وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان صراحة أن المفاوضات بعيدة عن أي اتفاق، وأن الوقت ينفد منّا.
أعطى الموقّعون الغربيون الآخرون نفس الانطباع، لكن الولايات المتحدة رفضت بشكل ملحوظ فرض مواعيد نهائية صارمة على العملية. من ناحية، أشار المسؤولون الأمريكيون والأوروبيون إلى نهاية يناير/ كانون الثاني أو بداية فبراير/ شباط كموعد نهائي فعّال، لكن من ناحية أخرى، لم يتخذوا أي خطوات لإضفاء الطابع الرسمي على هذا الموعد النهائي. بدلاً من ذلك، بدأت الروايات الغربية حول محادثات فيينا على ما يبدو في إعادة تشكيل نفسها حول فكرة اتفاق مؤقت من شأنه أن يفي بالموعد النهائي غير الرسمي دون وضع حد لعملية التفاوض.
التحدي النووي حيلة لكسب الوقت
تقترب المفاوضات بشأن إعادة تنفيذ الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015 من نهاية جولتها الثامنة في فيينا. توقفت المحادثات لمدة خمسة أشهر بعد تعيين المرشد الأعلى علي خامنئي لإبراهيم رئيسي على رأس النظام، وتم استئناف المحادثات في نهاية نوفمبر / تشرين الثاني مع مطالب أكثر حزماً مما كانوا قد تقدموا به في ظل الإدارة السابقة (إدارة روحاني). وانتهت الجولة السابعة من المحادثات في منتصف ديسمبر/ كانون الأول دون تقدم يذكر، وبدأت الجولة الثامنة بجدول زمني متسارع قبل حلول العام الجديد.
لقد رفض النظام وبكل وضوح فكرة أي اتفاق مؤقت من هذا القبيل، وأعلن مفاوضو رئيسي أنهم على استعداد للبقاء منخرطين في العملية طالما أن الأمر سينتهي بتلبية مطالبهم. في غضون ذلك، تظل هذه المطالب واضحة بالنسبة للقوى الغربية. تواصل وزارة خارجية النظام الإصرار على أنه يجب على الولايات المتحدة رفع جميع العقوبات التي كانت قد فُرضت بعد انسحاب الولايات المتحدة عام 2018 قبل أن تواصل جمهورية الملالي المفاوضات بشأن عودتها إلى الامتثال للقيود التي فرضتها خطة العمل الشاملة المشتركة.
بعد الجولة السابعة من محادثات فيينا، ذهب مسؤولو نظام الملالي إلى حد التصريح بأن التخفيف الذي سعوا إليه كان يشتمل على العقوبات من جميع الفئات، وليس فقط تلك التي تستهدف أنشطة النظام النووية فحسب. وهذا يعني أن نظام الملالي يحاول استغلال محادثات فيينا لكسب الوقت.
وفي يوم الأربعاء الماضي، نقلت وكالة رويترز عن أحد كبار مسؤولي النظام أن سقف طموحات وتوقعات النظام قد ارتفع مرة أخرى. حيث صرّح قائلًا “يجب على الأمريكيين تقديم تأكيدات بأنه لن يتم فرض عقوبات جديدة تحت أي تسمية على النظام في المستقبل” في إشارة إلى أن النظام يرى في الاتفاقية المرتقبة طريقًا نحو الحد من الضغط الغربي على جميع الأنشطة الخبيثة لنظام الملالي لفترة طويلة قادمة.
أظهر التقرير نفسه أن النظام لديه كل النية للبدء في استغلال ذلك الاتفاق في غياب أي تنازلات من جانبه. وصرّح مسؤول آخر إن “إيران بحاجة إلى أسبوعين للتحقق من رفع العقوبات”، مكرراً تصريحات سابقة من وزارة الخارجية بشأن إمكانية بيع النفط الإيراني في الأسواق الدولية. بينما جادلت الولايات المتحدة بأن بضعة أيام يجب أن تكون كافية للتحقق من رفع العقوبات، يتوقع النظام الآن أن يكسب فعليًا قدرًا كبيرًا من الإيرادات من مبيعات النفط قبل اتخاذ أي خطوات لعكس انتهاكاته المتكررة لخطة العمل الشاملة المشتركة.
لا تزال هذه الانتهاكات تتسارع، حيث يتم تركيب مجموعات أكثر تطوراً من أجهزة الطرد المركزي لغرض التخصيب النووي في المنشآت النووية في إيران. في العام الذي أعقب انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، استأنف نظام الملالي تخصيب اليورانيوم إلى أعلى مستوى له قبل عام 2015، وهو نسبة تخصيب 20بالمئة. بعد ذلك بوقت قصير، دفعت بعض هذه المواد إلى مستوى 60 بالمئة وبدأت في تصنيع كمية من معدن اليورانيوم، الذي ليس له وظيفة عملية سوى كجزء من رأس حربي نووي.
في الوقت نفسه، واصل النظام إنتاج وتخزين واختبار الصواريخ الباليستية التي يمكن أن تعمل يومًا ما كنظام توصيل لمثل هذا الرأس الحربي. ووسط الجولة الثامنة من محادثات فيينا، أدانت وزارة الخارجية البريطانية بشدة نشر تلك الأسلحة في المناورات الحربية قبل أسابيع قليلة. ومع ذلك، فإن هذا لا يزال يفشل في أن يُترجم إلى تغيير في الموقف البريطاني في تلك المحادثات، ناهيك عن الاعتراف بأن التعاون الحقيقي من قبل مفاوضي النظام لا يمكن تحقيقه في الوقت الحالي.
على الرغم من أن الولايات المتحدة تجنبت هذا الاستنتاج تمامًا أيضًا، فقد أرسل ما يقرب من 110 أعضاء جمهوريين في مجلس النواب الأمريكي خطابًا إلى وزارة الخارجية يوم الأربعاء يحثون فيه على الخروج من محادثات فيينا وفرض العقوبات الاقتصادية القائمة. واستشهدت الرسالة بتصريحات من مسؤولي إدارة بايدن أنفسهم لتبرير الاستنتاج بأنه “لا يوجد مسار دبلوماسي مثمر للمضي قدمًا” فيما يخص المحادثات.
من بين تلك التصريحات، تصريح لروب مالي، المبعوث الخاص لوزارة الخارجية إلى إيران، والذي قال إنه “يبدو واضحًا للغاية” أن استراتيجية النظام هي الاستمرار في دفع برنامجه النووي مع إطالة مدة المفاوضات، على أمل بناء نفوذ من شأنه أن يؤدي إلى وضع أكثر فائدة لنظام الملالي. وأضاف قائلًا أن “هذا الأمر لن ينجح”.