بعد اللحوم والبيض، لا يستطيع الإيرانيون الآن شراء الخبز والجبن
عادة ماتشتهر كل أمّة بأطباقها التقليدية والفريدة من نوعها. وبفضل تاريخها الغني وتنوعها الثقافي، تتمتع إيران بسمعة طيبة في تقديم الطعام اللذيذ. ومع ذلك، فإن الكارثة المالية التي تعيشها البلاد تمنع المواطنين من توفير مائدة لائقة، أو حتى تناول وجبة إفطار بسيطة.
لسنوات عديدة، كان الجبن والخبز والجوز والشاي وجبة إفطار لملايين الإيرانيين. في السنوات الأخيرة، عندما بدأ اقتصاد البلاد في الانهيار نتيجة تصرفات النظام، لم يكن بوسع العديد من الإيرانيين سوى شراء ما تناولوه لسنوات عديدة كوجبة إفطار.
ومع ذلك، في الوقت الراهن، وفقًا لوسائل الإعلام الحكومية في إيران، لا يستطيع الناس حتى شراء الخبز والجبن.
في 26 يوليو/ تمّوز، أقرّت صحيفة همدلي الحكومية اليومية “على ما يبدو، لم يسلم التضخم والارتفاع الشديد في الأسعار من أبسط أنواع الطعام التي تناولها الكثير من الإيرانيين. تشير أبحاثنا إلى أن أسعار الجوز والخبز والجبن تتجاوز 50 مليون ريال”.
وأضافت الصحيفة “ومع ذلك، فإن المواد الغذائية والسلع الأساسية الأخرى ليست بأسعار في المتناول. “وفقًا لمركز الإحصاء الإيراني، وصل تضخم المواد الغذائية الأساسية إلى مستوى قياسي في يوليو/ تمّوز، متجاوزًا 86 بالمئة، بزيادة قدرها 4.4 بالمئة”.
بما أن الكثيرين لا يستطيعون حتى شراء وجبة بسيطة من الخبز والجبن، فإن الأخبار تشير إلى أن الخبز أصبح الوجبة الأساسية لملايين الإيرانيين.
كتبت صحيفة “شرق” الصادرة في 27 يوليو/ تمّوز بهذا الشأن “أصبح تضخم أسعار الغذاء في إيران مقلقًا للغاية، وقد وجد مركز الإحصاء أن معدل تضخم أسعار المواد الغذائية في يوليو/ تمّوز تجاوز 90 بالمئة. وبحسب ناشطين في سوق المواد الغذائية، فقد تسبب هذا في انخفاض حاد في استهلاك الفرد من المواد الغذائية الرئيسية في إيران، ومن ناحية أخرى، أدّى إلى زيادة استهلاك الخبز “.
ووفقًا لصحيفة شرق، أجبر الوضع الحالي وزارة الصحة في النظام على الاعتراف بـ “مضاعفة سوء التغذية في بعض المقاطعات المحرومة مثل سيستان وبلوشستان وكرمان وهرمزكان و خراسان الجنوبية”.
ومع ذلك، لماذا ساء الوضع الاقتصادي الإيراني؟ هل هو بسبب العقوبات أم سياسات النظام الخاطئة والفساد وعدم الكفاءة؟
وفي 26 يوليو/ تمّوز، كتبت صحيفة ستاره صبح الحكومية “السبب الرئيسي لهذا التضخم المتفشي هو إلغاء سعر الصرف التفضيلي. ومع ذلك، فالأمر لايقتصر على ذلك فقط. إن قلة الاستثمار في القطاعات الإنتاجية وافتقار الحكومة إلى التخطيط للسيطرة على الأسعار هي أسباب أخرى للتضخم، والتي تتسبب أيضًا في عجز ميزانية الحكومة”.
كان سعر الصرف التفضيلي هو سعر صرف أقل مخصص لمستوردي السلع الأساسية للتحكم في الأسعار. قامت حكومة إبراهيم رئيسي بإزالتها، متخفية تحت النية الحميدة لمحاربة فساد الفصيل المنافس، ولكن في حقيقة الأمر، كان ذلك بغرض جني المزيد من الأرباح.
وأضافت صحيفة ستاره صبح أن “النفقات الحكومية تتزايد بشكل مستمر مسببة عجز في الموازنة”. معترفة بذلك أن رئيسي أزال السعر التفضيلي لاستخدام كل سنت لدفع نفقات حكومته، مثل زيادة ميزانية الجهاز القمعي للنظام.
ومع ذلك، وفقًا لوسائل الإعلام الحكومية الإيرانية، يعتزم رئيسي تعميق يديه في جيوب المواطنين عن طريق زيادة أسعار السلع، أو بعبارة أخرى، فرض ضرائب غير مباشرة.
“لا تصل الضرائب الحكومية والإيرادات الأخرى المتوقعة من بيع الموارد والممتلكات إلى الحد المطلوب. وبالتالي، فإن العبء الرئيسي للمشاكل يقع على عاتق المواطنين في شكل ارتفاع هائل في الأسعار. لقد غضّت الحكومة الطرف عن الكوارث التي تفرضها الدورة الاقتصادية الفاسدة على الشعب”، وكتبت ستاره صبح في هذا الصدد، مضيفة أنه في هذه الحالة، “من السذاجة التفكير في تحسن الوضع قريبًا”.
يواصل إبراهيم رئيسي، الذي يطلق عليهم عامة الإيرانيين لقب “سيد الوعود”، التفاخر بالإنجازات الاقتصادية التي حققتها حكومته وإعطاء وعود فارغة.
وفي 26 يوليو/ تمّوز، كتبت صحيفة مستقل الحكومية “وعود رئيسي تتناقض بشكل صارخ مع موائد المواطنين. يمكن رؤية العواقب الوخيمة لـ “الجراحة الاقتصادية” على موائدنا. فقد انخفض متوسط القوة الشرائية بشكل كبير، كما أن العائلات الإيرانية تعاني للعثور على الطعام.”
للوهلة الأولى، يبدو أن وسائل الإعلام الحكومية الإيرانية تهتم بصدق بحياة المواطنين. لكن من الصعب أن تجد مقالاتهم لا تنتهي بتحذيرات لمسؤولي النظام بشأن ردود الفعل الاجتماعية.
نقلاً عن استطلاع رأي حديث أجراه مركز استطلاع ISPA التابع للنظام، حذرّت صحيفة ستاره صبح الحكومية من رد فعل الناس على المشاكل المالية الحالية.
حيث كتبت صحيفة ستاره صبح “نتيجة استطلاع ISPA هي تحذير للنظام. اليوم، هناك العديد من الأمثلة على العنف في المجتمع، وقد كان النظام هو من وفرّ الأساس لها”. وأضافت الصحيفة “يمكن للجميع أن يرى أن المجتمع لم يبذل أي جهد لتحسين أوضاعهم فحسب، بل إنهم غرقوا أكثر في براثن الفقر. هؤلاء الناس غاضبون وخطيرون على [النظام] “.