الالتزام الأخلاقي للمجتمع الدولي يزداد عندما يستهدف نظام الملالي الإنترنت
مثل المدرسين في العصور المظلمة، فإن نظام الملالي الحاكم في إيران يعارض أي نوع من التكنولوجيا والعلوم. مثل الكهنة في العصور الوسطى، فإن الملالي في إيران معادون لأي تطور لأنهم يخشون أن تنهي المعرفة حكمهم القائم على أساس الخرافات.
بينما تتسابق البلدان في جميع أنحاء العالم نحو الحصول على خدمات إنترنت أسرع، يحاول نظام الملالي في إيران وبشكل يائس السيطرة على وسائل التواصل الاجتماعي وفرض حالة من التعتيم على الإنترنت.
وشهدت أكثر من اثنتي عشرة مدينة إيرانية احتجاجات في الأيام الأخيرة على خلفية ارتفاع الأسعار. بما أن الناس يدركون دور النظام في خلق مشاكلهم الاقتصادية وتفاقمها، سرعان ما رددوا شعارات ضد المسؤولين، مثل المرشد الأعلى للملالي علي خامنئي ورئيس النظام إبراهيم رئيسي.
اندلعت هذه الاحتجاجات بعد فترة وجيزة من إلغاء حكومة رئيسي سعر العملة التفضيلي، الذي كان يستخدم لاستيراد السلع الأساسية مثل الدقيق والقمح والأدوية بسعر أقل. أثار رئيسي ضجّة هائلة حول مكافحة الفساد الناتج عن السعر التفضيلي، ولكن في الواقع، ستكسب حكومته حوالي 8 مليارات دولار على حساب المواطنين.
عندما نزل الناس إلى الشوارع للمطالبة بحقوقهم، رد “قاضي الإعدامات” ومعلمه خامنئي بعنف شديد. تُظهر مقاطع فيديو من إيران قيام قوات الأمن بمعاملة المتظاهرين العزّل بوحشية، وقد قُتل ستة أشخاص على الأقل حتى الآن.
مع انتشار المظاهرات في جميع أنحاء البلاد، فرض نظام الملالي حالة من التعتيم على الإنترنت لقمع وخنق أي منع لنشر الأخبار حول الاحتجاجات داخل وخارج إيران.
سجلّت منظمة نت بلوكس، التي تراقب اتصال الأنترنت في جميع أنحاء العالم، انقطاع الإنترنت في إيران.
بينما تحدث ناشطون إيرانيون عن انقطاع الإنترنت، الأمر الذي أكدته منظمة نت بلوكس ومنظمة العفو الدولية، ظهر وزير الاتصال في حکومة رئيسي على الساحة لنفي ما لا يمكن إنكاره.
وفي 17 مايو/ أيار، نقلت صحيفة أفتاب نيوز الحكومية عن عیسى زارع بور “أنا أنكر بشدة أننا خفضنا عرض النطاق الترددي للبلد؛ حيث أن سرعة الإنترنت تعتمد على حجم البيانات. الآن هناك سلطات في العالم تقيس سرعة الإنترنت. وأعلن أمس أن ترتيب إيران قد ارتفع حتى وصلت إلى المرتبة 73 عالميًا”.
كشفت اللقطات الأخيرة لحملة النظام العنيفة بالإضافة إلى تقارير من مصادر مستقلة مثل منظمة نت بلوكس، زيف تصريحات زارع بور الوقحة.
النظام لديه رغبة شديدة للسيطرة على الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي. لطالما سعى خامنئي وأصرّ على “السيطرة على الإنترنت”، وصدّق البرلمان مؤخرًا على ما يسمى “مشروع قانون حماية الإنترنت”.
في خطابه في 20 يوليو/ تمّوز 2021، أعرب خامنئي عن خوفه المطلق من وسائل التواصل الاجتماعي، واصفًا الحاجة للسيطرة عليها بأنها “المهمة الجسيمة لنظامه”. وأضاف أنه يجب على المسؤولين الانتباه إليها باعتبارها “قضية أساسية”.
سبق للمقاومة الإيرانية أن نشرت تقريراً حصرياً عن مشروع قانون حماية الإنترنت، يؤكد أن النظام يعتزم “تعطيل وصول المواطنين إلى الخدمات الدولية، ولا سيما وسائل التواصل الاجتماعي، والسماح للأجهزة الأمنية للنظام بالسيطرة على بوابات الإنترنت من أجل تكثيف قمع المعارضة. “
إلى جانب خوفهم الشديد من تسرب وانتشار جرائمهم عبر الإنترنت، يخشى الملالي بشدة من تنامي نفوذ المعارضة الإيرانية في إيران. حيث أقرّ العديد من مسؤولي النظام أن الشباب ينضمون إلى جماعة المعارضة الإيرانية الرائدة، منظمة مجاهدي خلق الإيرانية.
حسبما أقرّت صحيفة كيهان اليومية الحكومية، الناطقة بلسان خامنئي، في 12 مايو/ أيار “أمضى الناس ساعات على وسائل التواصل الاجتماعي. منذ أن فقدنا السيطرة على الفضاء الإلكتروني، وجد العدو اليد العليا للارتجال وتنفيذ خططه للتأثير على الشباب.”
صرّح أحمد رضا شاهرخي، ممثل خامنئي في خرم آباد، شمال غرب إيران، خلال خطبة صلاة الجمعة في 13 مايو/ أيار “يجب أن نكون يقظين بشأن أنشطة منظمة مجاهدي خلق. إنهم يحاولون إثارة الشغب باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي. فلم ينقطعوا عن الحديث بشأن نقص الغذاء على وسائل التواصل الاجتماعي.”
ومن المفارقات، على الرغم من أن النظام يواصل خطابه حول العدو باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي، وقد قفز إلى الأمام لحظر الإنترنت، إلا أنه يمتلك أحد أكبر الجيوش الإلكترونية في العالم لتوليد أخبار مزيفة والتعرف على المعارضين واعتقالهم.
ألقى تقرير شامل للمقاومة الإيرانية في الأول من أبريل/ نيسان نظرة على الكآبة حول وجود النظام الخطير على الإنترنت.
حيث جاء في التقرير: “بصرف النظر عن بضع عشرات من المنظمات العسكرية والأمنية المتخصصة في إرهاب المجتمع الإيراني والعالم، من المعروف أن نظام الملالي لديه مجمع استخباراتي ضخم ومضاد للاستخبارات لرصد الفضاء الإلكتروني والتلاعب به والسيطرة عليه”.
تنفذ الشبكة بشكل أساسي نوعين من العمليات. الأكثر شهرة هي قوة الفضاء الإلكتروني المسؤولة عن القرصنة وأنواع أخرى من الاعتداءات عبر الإنترنت. وأضاف التقرير أن هناك قوة أخرى أقل شهرة وأقل تقنية، والتي تم توثيق تعقبها وتحديد هويتها بشكل أقل نجاحًا، والتي كانت تخدم مصالح النظام بشكل أساسي.
هذه ليست حالة يشن فيها الملالي الحاكمون في إيران حربًا على التكنولوجيا، فشأنهم شأن البطل في رواية دون كيخوتي الذي هاجم الطاحونة، باعتبارها وحشًا. نظام الملالي يعارض كل ما يعرض حكمه للخطر. في حين أن نظام الملالي مرعوب من الفضاء الإلكتروني ودوره خلال الاحتجاجات، فإن الخوف الحقيقي للملالي يكمن في تأثير المعارضة الإيرانية على المجتمع باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي ودور الإنترنت في كسر جدار النظام للتضليل والقمع.
لعبت وسائل التواصل الاجتماعي والإنترنت بالفعل دورًا أساسيًا في جميع النزاعات في عصرنا. تم حشد العالم لمساعدة الشعب الأوكراني، وهو الدور نفسه التي لعبته وسائل التواصل خلال انتفاضة نوفمبر/ تشرين الثاني 2019.
لذا، فإن المجتمع الدولي عليه التزام أخلاقي بمساعدة الإيرانيين الذين يتوقون إلى الحرية والديمقراطية. يجب على المجتمع الدولي منع النظام من نشر الشائعات والأخبار الكاذبة باستخدام ما يسمى بـ “الإنترنت الوطني” أو مواصلة انتهاكاته لحقوق الإنسان، وفي ذلك الوقت يتمتع بزمام الحرية لمنع وصول الإيرانيين إلى الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي.